إنتخب نكاية بالصوفية والروافض والعلمانيين والإسماعيليين!

فيصل الزامل

 

مثلما حدث في المنطقة الشرقية، حيث شحذ المتطرفون الوهابيون الهمم في الإنتخابات البلدية على قاعدة محاربة الروافض! جاء الدور على المنطقة الغربية فانطلق هؤلاء المتطرفون لمنع مليون صوفي في مكة المكرمة وحدها من الفوز في الإنتخابات، حسبما يقولون!

بدأت الحملة مكررة وستتكرر في الجنوب بالنسبة للإسماعيليين، فهؤلاء وكلاء الله في أرضه، مجرد أقليّة لن يقرّ لها قرار فتقبل بالتنوع المذهبي الثقافي على حاله في المملكة. ولو كان السلفيون أكثرية في المملكة لالتمسنا لجهالهم العذر، أما وأن الأكثرية هم غير سلفيين، فإن محاربة هذا الجمع بالتكفير والتخوين والتخويف لا ينم عن قصر نظر فحسب بل ينم عن سذاجة وجهل وتخبّط.

يقول بيان كتبه شيخ سلفي في الإنترنت: (أيها الأخوة لم يتبق على تسجيل الناخبين في المنطقة الغربية سوى أيام.. ولا يخفى ما لهذه المنطقة من أهمية.. خاصة مكة وجدة). ولكي تتم مكافحة الفساد لا بدّ من مواجهة الحجازيين في معقلهم! بحجة أنهم سبب مصائب العالم الإسلامي! ويجب إسقاطهم في الإنتخابات!

والمطلوب: (تسجيل أهل الخير أسماءهم أعضاءً ناخبين لاختيار الأصلح وتفويت الفرصة على الفرقتين المغرقتين في الفساد والإفساد التي تجرعت الأمة الإسلامية بسببها ويلات ونكبات ما جرها عليها اليهود والنصارى.. والتي لها اليد الطولى في التخلف العقدي والشرعي والمدني في كل قطر إسلامي. إنهما الصوفية.. والمنافقون. وقد تحالف هذان الوجهان القبيحان ضد أهل التوحيد.. وضد كل شريف في هذا البلد.. ليستمروا في إفساد مجتمعه وسلب خيراته.. وإذلال وقهر أهله).

تصور كيف أن أهل الحجاز (الصوفيين) يعملون ضد الشرفاء الوهابيين أهل التوحيد وأنهم يفسدون المجتمع ويسلبون خيراته ويذلون أهله! وكأنهم ليسوا من هذا الوطن أصلاً!

أهذه لغة يستحق عليه هؤلاء المهووسين أجراً في الدنيا والآخرة؟!

أبهذه العقلية المريضة يمكن أن يحفظ وطن من التشظي ويقوم إصلاح حقيقي فكري وسياسي وحتى نفسي!!

بالأمس جرت انتخابات في الشرقية وفاز فيها الشيعة بقدر تنظيم صفوفهم، فكان من الطبيعي أن يحصدوا كل مقاعد القطيف ومعظم مقاعد الأحساء، في حين فشلوا بسبب سوء الإدارة في الدمام. كيف يمكن للمعادلة أن تتغير في الحجاز مثلاً إذا كان الناخبون حجازيين؟! هل سينتخبون سلفياً مهووساً يكفرهم ويحطّ من قدرهم ولا يقيم لهم قيمة، ويعدهم سراقاً للوطن! ومفسدين له!

كيف ومركز أهل التوحيد في (نجد) حرسها الباري، بينما لا يوجد (أهل توحيد) لا في مكة ولا في جدة! أو أن أهل التوحيد قلّة، والأكثرية كفرة!

ألا قبّح الله هذا القول، وقبّح المشايخ الذين ينسجون على منواله فيملؤون الساحات شتائم وبهتان، تثير النفوس وتعمق الأحقاد، وتفتت الأوطان، والنهاية معروفة أن لكل مواطن صوتاً، وأن الصوفية أو غيرهم من المذاهب غير الوهابية سيأخذون مواقعهم في أي نوع من الإنتخابات تقام، وإذا كان الغرض هو مجرد الحشد بتوجيه الشتائم للآخرين ونقدهم، كما فعلوا من قبل في الرياض (ضد من أسموهم بالعلمانيين) ثم في الشرقية (لأنهم روافض) ثم في الغربية (لأنهم صوفية).. إذا كان هذا هو الغرض: حشد الأتباع للذهاب الى صناديق الإقتراع، فإن الثمن الذي يدفعه المجتمع أكبر بكثير من هذا التأجيج الطائفي الذي لم يتوقف منذ سيطرة الوهابيين على مقاليد السلطة.

وهذه الدولة الغبيّة، ومشايخها الطائفيون، ألا يفكرون مليّاً بهذا المنتج الإقصائي الكريه؟ ألا يفكرون بأن مثل هذا التحشيد يؤدي الى طغيان الخصوصيات ونوازع التقسيم للدولة؟ ألا يعرف هؤلاء كيف يحسبون الأمور على الأقل من زاوية الأرباح والخسائر، بدل المساهمة في صب الزيت على النار بلا طائل حقيقي.

نعلم ان الوهابيين لا يؤمنون بانتخابات ولا رأي عام، وهم ما دخلوا اللعبة الإنتخابية إلا ـ دفعاً للضرر كما يقولون ـ ونكاية بأهل الفسوق والشرك والإلحاد! ولهذا يتبارى هؤلاء المهووسون بتجهيز القوائم المزكاة من مشايخ التطرف، وتبدأ الحملات (يجب أن يسمع أهل السنة صوتهم في جدة ومكة كما حدث بالرياض والشرقية) (يا أهل السنة: لا يعلو صوت الصوفية، وشذّاذ الفسّاق صوتكم في مكة وجدة) وكأن أهل الحجاز ليسوا سنّة بل ليسوا مسلمين! ثم يزيد هذا على ذاك مثنياً عليه مجزياً له الخير: جزاك الله خيراً، جزاك الله خيراً، جزاك الله خيراً.

أي خير يأتي من هذه العقول الملتاثة؟!