أقيلوه وأريحوه جزاكم الله خيراً

فيصل الزامل

 

رأفة به، فقد تجاوز الـ 86 عاماً.

رافة به، فهو غير قادر على الكلام ولا على الحراك.

إن لم يكن كذلك، فرأفة بنا، وبالدولة، وبالمجتمع.. أن تحيلوه الى التقاعد، وتجعلوه يمضي أيامه الأخيرة بسلام.

من أجل سمعة الدولة، التي يستقبل باسمها الوزراء والدبلوماسيين، في صور بلهاء تعرضها الشاشة السعودية.

ومن أجل أداء أفضل للدولة، ومركزة القرار وصناعته، بدل أن تتيه بلا ولي ولا عقل مدبّر ولا مرجع لها سوى ملوك الطوائف.

أقيلوا خادم الحرمين الشريفين من كرسي المُلك!

فاستخدامه في الصراع الداخلي، وتحميله ما لا يحتمل من استقبال وتوديع، وجرجرة من مجلس الوزراء الى قصر الحكم، لا يخدم أحداً.

الرجل ـ أطال الله عمره ـ أصبح منذ زمن فاقداً للأهلية، ولا يوجد مبرر لبقائه يوماً واحداً في السلطة.

العجز.. الخرف.. المرض، كلها مبررات شرعية تبطل سلطانه وحكمه، وتدفع به الى التقاعد.

أما استخدامه في الصراع السياسي بين الأجنحة فمصيبة لا تستطيع البلاد أن تستمر فيها، ولا يمكن للبلاد أن يستقيم حالها برؤوس متشاجرة، وبواجهات لا تحل ولا تربط تستخدم لخدمة هذا التوجه أو ذاك.

حفاظاً على ماء وجوهكم، من النكات الساخرة المصنّعة شعبيّاً، وحفاظاً على مقام (المُلك ـ والملك).

أحيلوه على التقاعد ـ يرحمنا ويرحمكم الله ـ وأنهوا المهزلة.

 

**

 

لا نريد أن نتحدث عن دماء جديدة تحلّ محل دماء خادم الحرمين!

ولا نقول بأن وجوهاً جديدة ستأخذ مكان المتصارعين اليوم على إدارة الدولة.

فدماء صاحب الـ86 عاماً (الملك من مواليد عام 1329هـ)، لا تختلف عن دماء أخيه ولي العهد ذي الـ84 عاماً، ولا سلطان وزير الدفاع ذي الـ 82 عاماً، كما لا تختلف عن دماء الشاب وزير الداخلية ذي الـ77 عاماً!

نعلم أن دماءكم لا تجدّد الدولة!

ونعلم أن وجوهكم ستبقى الى أن يختارها الله بالطريقة التي يراها!

فجلّ ما نأمله، تسيير شؤون الدولة ضمن الحدود الدنيا، بحيث تكون العائلة المالكة قادرة على اتخاذ قرار مشترك! بدل أن تترك البلاد كالدابة التي تهيم على وجه الأرض (مأمورة ـ حسب التعبير الشعبي).

ما نأمله هو أن ينتهي التسيّب، وتسيّر شؤون المواطنين ـ الضرورية منها على الأقل ـ بدل أن تصبح المملكة (حارة كل من إيدو إلو).

 

**

 

لكل هذا: نقول أريحونا وأريحوا خادم الحرمين الشريفين من أعباء الحكم!

بالأمس أخذ مدفوعاً بالقوة على الكرسي المتحرك الى منى ليشرف على الحجيج، في حين أنه غير قادر على الإشراف على نفسه، ولم يكن يعلم أيّ أرض يطأ ولأي غاية يجرجر!

أمضى ساعتين، حسب بعض المصادر، على أمل العودة الى جدّة، ولكن سيارته عادت فارغة الى القصر.

لقد تعرض الملك لانتكاسة صحيّة شديدة، كادت أن تودي به.

ولحراجة الوضع طُلب من أبنائه القدوم الى جدة لمتابعة حالته الخطيرة.

حتى عبد العزيز المدلل، ونائب رئيس الإستخبارات سعود، جاءا بالطائرة من بيروت على عجل، قاطعين بذلك (حجهم) اللبناني!

وفجأة عاد الملك الذي تعرض لغيبوبة مؤقتة الى الحياة!

فعادت الطيور الى لبنان!

وشدّ سلطان رحاله (الى الخارج في رحلة خاصة ـ كما تقول وسائل الإعلام).. تتبعه الإشاعات المتعددة هو الآخر حول قضايا شتّى ومن بينها صحته وعودة السرطان الى أمعائه التي يقطعها مقص الطبيب بين الفينة والأخرى.

الرحلة الخاصة كانت باتجاه أغادير في المغرب، ولا أحد يعلم الى متى تنتهي.

لقد تركت البلاد بأيدٍ أمينة، وليس هناك من يد أو رجل تعلو يد وزير الداخلية، عفواً الملك غير المتوج نايف بن عبد العزيز.