الإنـتـخـابـات والـنـاخـبـون

 إعداد: عبد الله الراشد

 هناك نظرتان حول دور الانتخابات في الديمقراطيات الليبرالية: نظريتا من أدنى ـ أعلى bottom-up))، ومن فوق ـ تحت (top-down)(أنظر: Harrop and Miller, 1987). ومن خلال استعراض هاتين النظريتين، يمكن استجلاء الوظائف الرئيسية للانتخابات التنافسية. إن نظرية من أدنى ـ أعلى هي أكثر محافظة، وتشدّد على الحد الذي تجعل فيه الانتخابات التنافسية الحكومات مسؤولة أمام المحكومين. إن الانتخابات الاخيرة تقرر من يحكم، وأن فكرة الانتخابات القادمة تؤثر في الطريقة التي يتم العمل بموجبها. إن التنافس بين قوتين يجبرهما على الاستجابة لنظرات الناخبين للموائمة بين الدولة والمجتمع. وبحسب وجهة النظر هذه، بناء على ما سبق، فإن الوظيفة المركزية للانتخابات التنافسية هي توجيه الاتصال الى الاعلى من الناخبين الى الاحزاب والحكومات.

هذه هي الصورة التقليدية، ولكنها لم تمض دون نقاش وجدل بين المنظّرين السياسيين. فأصحاب نظرية من أعلى ـ أدنى مثل جينسبرغ (Ginsberg:1982) يعد أكثر نقداً للعملية الانتخابية في الديمقراطيات الليبرالية. ويرى جينسبرغ بأن الانتخابات التنافسية هي في واقع الامر أجهزة لتوسيع سلطة النخبة الحاكمة على السكان. إن الانتخابات تدمج الساخطين الكامنين في النظام السياسي، وتخفض مستوى المشاركة الشعبية، وتشجع الناس على طاعة الدولة بدون تهديد لاستقلالها. إن الانتخابات تعطي شعوراً بإختيار الناخبين، رغم أن واحدة منها مقيّدة بقلة من المنظومات الواسعة من الاقتراحات. إن هذا (الاختيار) يعين على تعزيز سلطة الحكومات على الناخبين، ولذلك، فإن نظرية من فوق ـ تحت تقترح بأن الاختيار والمحاسبة هما ليسا الوظائف الاساسية، وإنما دورها القيادي هو لزيادة مشروعية النخب الحاكمة، ولاضافة المزيد من السلطة، وهكذا الفعالية والاستقرار للدولة، وأيضاً لتثقيف الناخبين بهموم النخبة الحاكمة. وكما لاحظ جينسبرغ فإنه (منذ القرن التاسع عشر فرضت الحكومات سلطتها عن طريق الانتخابات حتى وإن كانوا هم يُحكَمون أحياناً بها).

وهناك نظرة ثالثة تقع بين هاتين النظريتين. إن الانتخابات التنافسية هي كما يعتقد البعض ينظر اليها في أحسن الاحوال على انها تبادل النفوذ بين النخب والناخبين. فالانتخابات هي مثل  كور الحدّاد بما فيه من حرارة وضجيج ووهج حيث يناضل الحكام من أجل تحويل القوة الى سلطة. ولكن النخب الحاكمة تجني من وراء ذلك سلطة إضافية فحسب في مقابل استجابات الناخبين، إنهم لا يكسبون شيئاً في مقابل لا شيء. وفي موازاة ذلك، فإن الناخبين يحصلون على نفوذ في قرارات الحكومة ولكن في مقابل فحسب طاعة القرارات التي يشاركون جزئياً في تشكيلها. في المحصلة، فإن الانتخابات التنافسية توسّع من سلطة الحكومة بينما تخفِّض إحتمالية إساءة استعمال السلطة. إنها ـ أي الانتخابات ـ تفيد كلاً من الحكام والمحكومين.

بطبيعة الحال، إن الانتخابات التنافسية تتفاوت من حيث الأهمية والدلالة، فبعضها يكون أشبه بزلازل سياسية، تعيد هيكلة مشهد الحزب في غضون جيل أو أكثر. وبعضها الآخر ينتج مجرد إرتجاج في البناء السياسي، وببساطة يعيد الحكومة القائمة الى السلطة لفترة قادمة. إن من الطرق المفيدة لتصنيف الانتخابات التنافسية إدراجهم من حيث الاهمية. وهناك نحو خمسة أصناف من الانتخابات:

ـ الانتخابات التأسيسية (Founding elections): والنتيجة المنشودة من ورائها تأكيد شرعية النظام الجديد، وهي تعمل كإستفتاء على الديمقراطية. وهذه الانتخابات غالباً ما تكون انتقالية، حيث أن التحالف الواسع الذي يحارب ينتصر في الغالب، ولكن الانتخابات التأسيسية مصيرها الانهيار والتفكك في وقت لاحق. مثال ذلك ما حصل في إنتخابات جنوب أفريقيا عام 1994، وهكذا الانتخابات الأوليّة بعد الشيوعية في معظم أرجاء أوروبا الشرقية عام 1990.

ـ الانتخابات الاصطفافية (Realigning elections): وتُحدث هذه تغييرات في القوة الضمنية للاحزاب وإعادة تعريف للعلاقات بين الاحزاب والفئات الاجتماعية. إن الاصطفاف التام، والذي عادة ما يستغرق على الأقل مدة جيل كامل غالباً ما يتم على مدار دورتين أو ثلاث دورات إنتخابية اصطفافية. مثال ذلك الانتخابات الرئاسية الاميركية في العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي والتي أسست لتحالف ديمقراطي جديد.

ـ الانتخابات الاعتيادية (Normal elections): وحاصل هذه الانتخابات يعبّر عن توازن الولاءات الحزبية بعيدة المدى في الجمهور الانتخابي في المجمل. إن الحزب الأكثر استقطاباً للناخبين هو الأقرب للفوز بالانتخابات، ومثال ذلك الانتصارات الحاصلة في الانتخابات الرئاسية الجمهورية في الولايات المتحدة الاميركية.

ـ الانتخابات القاصرة (Deviating elections): فالاغلبية الحزبية تفقد الانتخابات بسبب عوامل قصيرة المدة مثل الاقتصاد المتداع، والمرشح غير المقنع او الفاقد لجاذبية الناخبين، مثال ذلك أيضاً الانتصارات الحاصلة في الانتخابات الرئاسية الجمهورية في الولايات المتحدة.

ـ الانتخابات الانفكاكية ( Dealigning election): حيث تفقد الاحزاب الرئيسية الدعم ولكن لا يؤدي ذلك الى ظهور انشقاق يفضي الى استئصال النظام القائم. وعادة ما تحدث هذه في الديمقراطيات الغربية. مثال ذلك، الانتخابات البريطانية في فبراير عام 1974 حيث حصلت الاقلية الليبرالية على أرضية معارضة ضد الاحزاب الرئيسية.

 

الانتخابات شبه/أو غير التنافسية

 قد يبدو غريباً العنوان بعض الشي، ولكن في الحقيقة ليست الانتخابات تنافسية دائماً. في بعض الاحيان تكون الانتخابات مخطط لها سلفاً من وراء الستار، وتوحي بوهم الاختيار، ولكن الفائز معروف سلفاً. هناك حالات قليلة تكون فيها الانتخابات صنيعة تهليل ومباركة أكثر من كونها صنيعة إختيار، في ظل وجود مرشح رسمي واحد مطروح أمام جمهور الناخبين، وإخافة أي ناخب يفشل في دعم المرشح.

ومن أشكال الانتخابات شبه او غير التنافسية ما يلي:

ـ الحزب المهيمن (Dominant party): وهذا شكل شبه تنافسي، والذي يسمح بمظهر تنافسي. على أية حال، فإن الحزب الحاكم يستغل نظام الرعاية والمناصرة، والفساد، والسيطرة على الاعلام وفي حال الضرورة صناديق الاقتراع من أجل ضمان قبضته المستمرة على السلطة. إنه شكل له خاصية شبه الديمقراطيات، كما هو الحال في مصر وسنغافورة.

ـ إختيار المرشح (Candidate-choice)، وهذا أيضاً شكل شبه تنافسي، حيث يمنح بعض الاختيار للمرشحين ولكن ليس للحزب. وهذا الشكل قائم في الدولة الشيوعية الأقل تسلطية (مثال ذلك بولندا)، وفي بعض الانظمة ذات الحزب الواحد في العالم النامي مثل كينيا تحت حكم كانو.

ـ الترحيبي أو التصديقي (Acclamatory): وهذا ليس شكلاً تنافسياً، حيث هناك مرشح واحد فحسب، وأن (الاختيار) مقيّد بفترة الترشيح فقط، وهذا هو الشكل السائد لدى الانظمة التسلطية، كما كان الحال عليه في الاتحاد السوفييتي سابقاً ويجري الآن في دول تسلطية عديدة بما في ذلك أكثر دول الشرق الأوسط.

وعليه كيف تعمل الانتخابات الاقل تنافسية؟ وما هي الوظائف، إن وجدت، التي يمكن لانتخابات فاقدة للاختيار أن تؤديها؟

إن الشكل الأكثر شيوعاً للانتخابات شبه التنافسية هي تلك التي يديرها الحزب المهيمن. إن انتخابات كهذه يكون فيها الاختيار والسيطرة مختلطة في طراز مميز بكونه شبه ديمقراطي، حيث يستعمل الحزب الحاكم كافة عوائد المنصب (وتشمل هذه الحكومة الفاعلة والقائد البارز بجلاء) من أجل ضمان إعادة إنتخابها. إن نظام المناصرة والرعاية يمثل المصدر الرئيسي للحزب، ويتم استعماله إما لمكافأة الناخبين الموالين بصورة مباشرة، كما هو الحال في آليات الحزب القديم في المدن الاميركية، وإما من أجل توفير وظائف عمل، وعقود، ونفوذ، ومكانة، ومال للوجهاء المحليين. في المقابل، فإن الرجال الكبار المحليين يدلون بصوت الزبائن المحليين في موقعهم. وفي بعض الاحيان، فإن الناخبين يسلّمون وببساطة اقتراعات موقّعة للوجهاء المحليين كيما يملئوها. فحين سأل الناخب البرازيلي عن أولئك الذين يود ترشيحهم، فإن سيّده أجاب: (يا بني لا تسألني الآن هذا النوع من الاسئلة وعلاوة على ذلك لا تنسى بأن التصويت سريٌ). في بعض البلدان النامية (مثل المغرب)، فإن الاصوات تُباع وتُشترى بسهولة، حيث يعرض المقاولون فرص عمل لكل حزب يقدّم أحسن عروض الاسعار. وحيث أن بيع الصوت هو مصدر مهم للمال لدى الفقراء، فإن انتقاد الممارسة هو مستحيل من الناحية السياسية في دول مثل المغرب.

إن الاحزاب المهيمنة تستغل أيضاً سيطرتها على كل من الاعلام وإدارة الانتخابات، وإن مرشحي المعارضة يجدوا انفسهم غير مؤهلين للمقاومة، حيث أن التسجيل الانتخابي غير كفوء في مناطق قوتهم، وأنهم نادراً ما يسمح لهم بالظهور في التلفزيون، كما يتعرضوا للمضايقة من قبل البوليس، وأن نشرياتهم وحتى أصواتهم تضيع بصورة غامضة. إن المعارضة تخسر القلب لأنها تدرك بأن وظيفتها هي دائماً أن تعارض لا أن تفوز.

إن الحزب الثوري التأسيسي (PRI) في المكسيك يعتبر واحداً من أكثر آليات الفوز بالاصوات نجاحاً في العالم، وقد كان المثال التقليدي على حزب يجري انتخابات شبه تنافسية. وبالنظر الى الفوز لإحدى عشرة مرة في الانتخابات الرئاسية، فإن بي آر آي أصبح (حزب الدولة) بما يمنحه نفوذاً فريداً للمصادر والتي يمكن لها أن تمر عبر شبكة مناصرة ورعاية شديدة التعقيد (أنظر: Cornelius, 1996). إن الانتخابات شبه الديمقراطية تظل منتشرة بصورة واسعة في أفريقيا.

إن هدف كثير من الرؤوساء الافارقة، مثل عرب موي Arap Moi في كينيا، هو  في الاحتيال على الديمقراطية من خلال استعمال الانتخابات لشرعنة سلطتهم دون تهديدها (Macdonald, 1996). وحتى الآن، فإن كثيراً من (الطغاة الديمقراطيين) قد نجحوا في هذه المهمة المعقّدة.

وعلى وجه العموم، بالرغم من ذلك، فإن الانتخابات شبه التنافسية بات من الصعب إدارتها. محلياً، فإن الانتقالات السكانية الى المدن أخذت الناخبين بعيداً عن المناطق القروية حيث يكون الوجهاء والسادة أقوياء. وعلى المستوى الدولي، فإن البلدان الغربية ومنظمات الاعانة أصبحت أقل تسامحاً مع الاقترافات الواضحة حيث أن الحرب الباردة قد أزفت.   

 إن خصخصة مؤسسات الدولة تعني بأن الحزب الحاكم لم يعد لديه نظام رعاية ومناصرة (فرص عمل وعقود) لتوزيعها على مؤيديه. وحتى في المكسيك فإن بي آر آي بات يتحمل الآن ويقبل بانتخابات نظيفة، في عام 1997 خسر الحزب الأغلبية في مجلس النواب، وهي نتيجة لم يكن الحزب يسمح بها في أوقات سابقة.

وفيما تحافظ الانتخابات شبه الديمقراطية على وهم الاختيار، فإن الجولات غير التنافسية هي أكثر قسوة. ويمكن ملاحظة ذلك في أنظمة الحزب الواحد، وخصوصاً الشيوعية، وليس هناك دعوى بأن الحزب الحاكم يمكن أن يُهزم أو حتى يُعارض عبر الانتخابات، وانما الغرض من هذه الجولات كان من الناحية النظرية لتأكيد استمرار دعم الحزب من قبل الناس. من الناحية العملية، فإن مثل هذه الانتخابات تكشف عن سلطة الحزب للفوز بالاصوات، وتاكيد هيمنته على المجتمع.

إن الانتخابات الترحيبية أو التهليلية (acclamatory) هي الشكل الانقى للانتخابات التنافسية وأنها لا تسمح للاختيار على الاطلاق، وحتى بين المرشحين الداعمين للحزب الواحد. إن المرشح الرسمي يُقدّم ببساطة للناخبين من أجل المصادقة الطقسية. لقد كان الاتحاد السوفييتي الشيوعي المثال التقليدي، وهناك نكتة سوفييتية قديمة تقول بأن مراسلاً صحافياً كتب بأن لصّاً إقتحم مبنى الكرملين وسرق نتائج إنتخابات العام القادم. فالانتخابات عن طريق المباركة والتهليل كانت شأناً طقسياً كالحاً، ولا علاقة لها بالسياسة الحقيقية التي يتم إتخاذها داخل الحزب. فقد كانت هذه الانتخابات فرصة للمحرّضين الحزبيين لمخاطبة السكان حول إنجازات الحزب واستعراض سيطرتهم من خلال دفع الناس للتصويت في يوم الانتخابات.

وبعيداً عن التعبير عن النفوذ الشعبي على الحكام، فإن الانتخابات الترحيبية تفصح عن استمرار سلطة النخب الحاكمة على السكان. إن الامثلة المعاصرة مقتصرة على الديكتاتوريات الشيوعية المتآكلة. على سبيل المثال، في كوبا فإن 601 مرشحاً قدّموا أنفسهم لانتخابات المجلس الوطني عام 1998، وقد نجحوا جميعهم لأن عدد المقاعد كان متطابقاً مع عدد المرشحين.

إن انتخابات اختيار ـ المرشح كانت شكلاً اكثر ليبرالية للانتخابات المضبوطة، وكانت ميزة في إنتخابات أوروبا الشرقية في السبعينيات والثمانينيات. إن مثل هذه الجولات التنافسية سمحت لعدد من المرشحين يفوق عدد المقاعد، وخصوصاً على المستوى المحلي، وعليه فقد حصل الناخبون على فرصة وان كانت ضئيلة للاختيار. ولكن كان جميع المرشحين مدعومين من الحزب الشيوعي، فـ (الاختيار) كان بين مرشحين ملتزمين بذات القضية. على أية حال، وفيما بدأت السيطرة الشيوعية تضعف تدريجياً فقد بات من الصعب إن تتحول مثل هذه الانتخابات الى مضمار للمعارضة. في بولندا، فإن الشيوعيين أدخلوا إصلاحات سمحت لنقابة التضامن، الحركة المستقلة بقيادة ليخ فاليسا للمنافسة على ثلث المقاعد في الانتخابات البرلمانية في يونيو عام 1989. وقد فاز حزب التضامن بكل من هذه المقاعد. على المستوى النظري، فإن الشيوعيين احتفظوا بالاغلبية في المجلس، وفي الواقع فإن ظهرهم قد قُصم. فبعد شهرين، تولى في بولندا أول رئيس وزراء في مرحلة ما بعد الشيوعية في أوروبا الشرقية.

والسؤال هنا: ماهي الانتخابات الحرّة والعادلة؟

المراقبون من خلف البحار لديهم نظرة مشتركة الآن خلال الانتخابات كوسيلة لدمقرطة البلدان، وأن وظيفتهم  هو تقديم تقرير حول ما إذا كانت إنتخابات ما ديمقراطية أم لا. ولكن ما هي الانتخابات الحرة والعادلة؟ ففي تقرير أعدّه الاتحاد البرلماني للكومنولث، وإثنان من مراقبي الانتخابات الكنديين جولد وجاكسون (Gould and Jackson, 1995 p.36) فإن الاختبار الرئيسي للتحقق من كون (إرادة اغلبية الناخبين يتم التعبير عنها بحرية، ووضوح، ودراية، وبصورة سريّة) على وجه التحديد.

فالانتخابات الحرة هي عملية اقتراع تحترم حقوق الانسان والحريات، بما يشمل:

ـ حرية الكلام

ـ حرية الاجتماع

ـ حرية التسجيل كناخب، كحزب، أو مرشح.

ـ التحرر من الاكراه (Freedom from Coercion)

ـ حرية الوصول الى مراكز التصويت

ـ حرية التصويت بصورة سريّة

ـ حرية الشكوى أو التظلّم

أما الانتخابات العادلة فهي عملية إقتراع لا تكون عرضة للتزوير والمناورة وتشمل:

ـ ادارة غير حزبية للانتخابات

ـ حماية دستورية للقانون الانتخابي

ـ مصادقة دولية ومراكز انتخابية سهلة الوصول

ـ تغطية اعلامية متوازنة

ـ الحصول وبصورة عادلة على مصادر للحملات الانتخابية

ـ احصاء معلن وشفاف للاصوات

ـ معاملة عادلة وغير اكراهية للاحزاب، والمرشحين، والناخبين من قبل الحكومة والشرطة او الجيش او القضاء.

 

النظام الانتخابي: نطاق، حق دستوري، إقبال

 

النظام الانتخابي هو مجموعة قوانين لاجراء الانتخابات، وعادة ما نفكّر في النظام الانتخابي من خلال الاجراءات الخاصة بترجمة الاصوات الى مقاعد. ولكن هناك ثلاثة قضايا واسعة أولية: أولاً نطاق المنصب المنتخب (حين تكون المناصب تتم عن طريق الانتخاب)، ومدى الحق الدستوري أي من بمقدوره التصويت أو من يمتلك حق التصويت، والاقبال، أي من سيشارك في التصويت أو يدلي بصوته في الانتخابات.

في المناقشة والبحث حول هذه العناوين (النطاق، الحق الدستوري، الاقبال) يمكن استعمال، كشواهد، الدول التي تشهد انتخابات تنافسية من أجل توضيح الصورة.

إن واحدة من أهم ميزات النظام الانتخابي هي نطاقها، فالمناصب التي تخضع للانتخاب تعد قضية جوهرية تماماً كما هي قضية من يحق له التصويت. قارن بين الولايات المتحدة وبريطانيا، فالولايات المتحدة تعتبر فريدة في الحجم الهائل من المناصب المنتخبة، والتي تشمل من حيث اتساعها رئيس الجمهورية وتصل الى ضابط الكلب البوليسي (Dogcatcher). وهذا يعكس التقليد الصلب للحكم الذاتي حيث يدير الناس شؤونهم بأنفسهم (self-government)، وخصوصاً على المستوى المحلي. في بريطانيا، على العكس، فإن التصويت كان من الناحية التقليدية مقتصراً على الانتخابات الخاصة بمجلس العموم، والبرلمان الأوروبي، والمجالس المحلية (على أية حال، فإن الحكومة العمالية المنتخبة عام 1997 أدخلت برلمانات منتخبة الى سكوتلندا وويلز). بالمثل، فإن الاستراليين إنكبّوا على المزيد من الانتخابات بقدر أكبر مما في نيوزلندا.

هناك أشياء كونها متساوية، فكلما تعاظم عدد المناصب الخاضعة لانتخابات تنافسية، كلما أصبح النظام السياسي أكثر ديمقراطية. وعلى أية حال، فهناك مخاطر في الانتخاباتية، واحدة منها إجهاد الناخب، والذي يؤدي الى التراجع الحاد في نسبة الاقبال والمساواة في الاختيار. على وجه الخصوص، فإن الانتخابات الأقل اهمية قد تصبح منافسات ذات غرض مختلف (Second-order elections)، بمعنى أن نتائجها تعكس شعبية الاحزاب الوطنية حتى وإن لم تقيم هذه الاحزاب حكومة وطنية. على سبيل المثال، فإن انتخابات البرلمان الأوروبي تصبح استفتاءات على الحكومات الوطنية، بالرغم من أن الهدف  الافتراضي من ورائها هو انتخاب عضو للبرلمان الاوروبي. في كثير من الديمقراطيات تعمل الانتخابات المحلية بطريقة مماثلة، باعتبارها اختبارات لقوة الحزب الوطني. إن الصعوبة الكامنة في التنافسات ذات الغرض الآخر المختلف هو أنها تقضم الرابطة بين الأداء في المنصب ورد فعل الناخبين (أنظر: Anderson and Ward, 1996). إن الادارات المحلية المؤثرة قد يتم ازالتها من غير سبب وجيه سوى عدم كفاءة زملائهم الحزبيبن على المستوى الوطني.

إن الحق الدستوري (أي من يملك حق التصويت أو من يقدر عليه)، يعتبر عنصراً مهماً آخر للقوانين التي تحكم الانتخابات. في معظم الديمقراطيات، فإن الحق الدستوري يمتد الآن ليشمل تقريباً جميع المواطنين الذين تصل أعمارهم الى سن الثامنة عشرة. في بلدان عديدة، فإن التأهيل العمري قد جرى تخفيضه من 21 في الستينيات أو السبعينيات. إن الاستثناءات المتبقية متعلقة بالجرائم الجنائية، والجنون، والمقيمين من غير المواطنين، مثل العمال الوافدين. على أية حال، فإن الحق الدستوري (العالمي) يعتبر الى حد ما حديث عهد، وخصوصاً بالنسبة للنساء. فهناك قلة من البلدان التي تستطيع ان تصل الى مستوى أستراليا ونيوزلندا حيث أصبحت النساء ناخبات منذ بداية القرن العشرين، وفي أماكن أخرى، لم تستطع النساء الفوز بصوت في الانتخابات حتى بعد إنتخابات الحرب العالمية الثانية. في قلة من الدول، من بينها الكويت، فإن النساء بقوا غير مؤهلين من الناحية الدستورية، وأما في السعودية فإن حقوق النساء مازالت غير مؤهلة لأدنى من ذلك بكثير، بما في ذلك الحقوق المدنية. الاقليات هي الاخرى عانت ايضاً من التمييز حتى وقت قريب. إن سكان الاسكيمو أو الانوت الكنديون (Inuit) قد جرى منحهم حقاً دستورياً عام 1950، والأبؤريجنز (Aborigines) كانوا غير قادرين على التصويت في إنتخابات وايتفيلا Whitefella)) في استراليا حتى عام 1962. في جنوب اميركا، فإن الضرائب والأميّة جرى استغلالها لإنكار حق السود الجنوبيين في التصويت حتى منتصف الستينيات.

إن المصادقة الدولية لا تضمن الاقبال التام على الانتخابات، خذ في نظر الاعتبار الولايات المتحد كمثال: في الانتخابات الرئاسية فإن واحداً من إثنين من الاميركيين المؤهلين عمرياً للتصويت يشاركون في الاقتراع. وفي عام 1996، فإن الاقبال هبط الى ما دون الخمسين بالمئة، ليبعج شرعية الفائز فيها. إن الاقبال يحظى بالاحترام بين أولئك الذين سجّلوا في عملية التصويت، إن المشكلة تكمن في اقناع الاميركيين بالتسجيل على الاطلاق. يعتقد ليجفارت (Lijphart, 1997) بأن على الولايات المتحدة أن تتبنى نظاماً تصويتياً الزامياًً (كما في استراليا وايطاليا من بين دول أخرى)، كوسيلة لاحتواء هذه المشكلة وحلّها. على أية حال، فإن النقطة موضع النقاش هي ما اذا كان نظام التصويت الالزامي هو مساهمة لـ/ أو إنكار أو رفض للديمقراطية. الى جانب الولايات المتحدة، فإن معظم البلدان الغربية تحقق مستوى من الاقبال في الانتخابات الوطنية يتجاوز 75 بالمئة.

 

إنتخاب المجالس

 

 إن أكثر الخلاف حول الانظمة الانتخابية يتمركز على القوانين التي عن طريقها يتم تحويل الاصوات الى مقاعد، وان مثل هذه القوانين هي مهمة بالقدر الذي هي تقنية. إن نفس مجموعة الاصوات يمكن أن تتظافر بطرق مختلفة لخلق نتائج متقابلة. وعليه، فإن الانظمة الانتخابية تمثل العمليات الداخلية للديمقراطية، وهي نقطة ذات أهمية خاصة في الانظمة البرلمانية حيث تقرر انتخابات المجالس التشكيل الحزبي للحكومة. إن التوافقات السياسية قد أنجبت بعض الانظمة البارزة. إن الطريقة الهنغارية، كما يُزعم، معقدة حيث لا أحد حتى الان يدرك كل تعقيداتها.

إن الحديث يدور هنا حول المائز الرئيسي بين التمثيل المتناسب أو المحاصصي وغير المتناسب، فالانظمة غير المحاصصية هي الأسهل، وهي قائمة على الفكرة القديمة لانتخاب شخص او أناس لتمثيل إقليم محدد. ليست هناك محاولات لمنح الاحزاب نسباً  من حصة الاصوات التي يحصلوا عليه، لأن (الفائز يجني جميع الاصوات).

 أما الانظمة غير التناسبية او غير المحاصصية فإنها تأخذ أحد شكلين أو صيغتين: التعددية أو الاغلبية. في الانظمة التعددية (وقد يطلق عليها إسم آخر وهو الاول ـ السابق ـ المنصب first-past-the-post)، فإن المرشح الفائز هو ببساطة الشخص الذي يحصل على معظم الاصوات في مقاطعة، أو دائرة انتخابية محددة. إن تعددية الاصوات تكفي، والاغلبية غير ضرورية.

برغم بساطته، فإن نظام التعددية هو نادر وبات أكثر ندرة، وهو قائم الآن فحسب في الدولة الخاضعة للنفوذ البريطاني مثل كندا، وعدد من جزر الكاريبي، والهند، والولايات المتحدة.

إن النقطة الحاسمة حول الطريقة التعددية هي بأنها عادة ما تمنح إضافة إساسية في المقاعد للحزب الذي يتفوق في الاصوات. في الانظمة البرلمانية، تستحث هذه الطريقة الحكومات عن طريق الحزب الواحد بأغلبية واضحة في المجلس. لمعرفة السبب يمكن النظر الى الحالة المتطرفة حيث يهزم الحُمر (أي الحزب الديمقراطي) الزُرق (أي الحزب الجمهوري) في الولايات المتحدة بفارق صوت واحد في كل مقاطعة.

وبالرغم من تقارب الاصوات، فإن الحُمر يفوزوا بجميع المقاعد، بينما لا يحصل الزُرق على أي صوت على الاطلاق. إنه مثال بالغ، بالطبع، ولكن أحد الامثلة التي توضِّح الانحيازية الكامنة لهذه الطريقة والتي توفّر فرصة التمثيل الكامل لمقاطعة محددة للحزب الواحد الذي يعتلي الاقتراع. من حيث الجوهر، فإن الطريقة التعددية هي خدعة سحرية مهولة، حيث يتم اخراج أرنب أغلبية الحكومة من قبعة المجتمع المنقسم على نفسه. في بريطانيا، على سبيل المثال، فإن الاغلبية في التصويت الشعبي لحزب واحد يعتبر استثناءً ولكن أغلبية برلمانية مأمونة للفائز هو أمر مألوف.

إن الشكل الآخر للنظام غير التناسبي أو غير الماحصصي هو الطريقة الاغلبوية. وكما يظهر من إسمها فإنها تتطلب أغلبية  الأصوات  للمرشح الفائز، والتي عادة ما تتحقق ـ أي هذه الاغلبية ـ عن طريق الاقتراع الثاني. فإذا لم يحق أي من المرشحين الفوز بالأغلبية في الدورة الاولى، فإن إقتراعاً إضافياً يتم، وعادة ما يكون في دورة حاسمة بين أقوى مرشَّحيَن. وهناك دول عديدة في أوروبا الغربية استعملت التصويت بالأغلبية قبل الانتقال الى نظام التمثيل النسبي (Proportional Representation) في وقت مبكر من القرن العشرين. إن هذا النظام يُستعمل أيضاً في أجزاء من أوروبا الشرقية. بالنسبة للديمقراطيين، فإن الجدل بالنسبة للنظام الاغلبوي هو من الناحية الحدسية قوي جداً، بمعنى أن ليس هناك مرشح يجب انتخابه بدون أن يكون مقبولاً لأغلبية الناخبين.

وهناك طريقة أخرى، وهي غير مألوفة، لتحقيق الاغلبية في إقتراع واحد، ويطلق عليها الصوت البديل (Alternative Vote) والتي تستعمل في المجلس الادنى، أو مجلس الممثلين في استراليا. وتأخذ هذه الطريقة في الاعتبار المزيد من المعلومات عن الخيارات المفضّلة لدى الناخبين أكثر من التصويت التعددي البسيط. إن هذه الطريقة تحظى بمباركة الاصلاحيين المهتمين بموضوع الانتخابات في بريطانيا، حيث يكون الأثر الرئيسي نقل المقاعد من المحافظين الى مركز الديمقراطيين الليبراليين (أنظر: Dunleavy, 1997, p.153). ومن أجل هذا السبب، فإنها قد تكون طريقة جذّابة لحكومة العمال المنتخبة في 1997 على أساس تعهدها بإجراء استفتاء على إصلاح النظام الانتخابي.

وعلى أية حال، فإن النظام النسبي أو المحاصصي بات هو الأصل والقاعدة في أوروبا الغربية، كما هو الآن كذلك في أوروبا الشرقية وفي أميركا اللاتينية. إنه نظام يقوم على فكرة تمثيل الاحزاب وليس تمثيل المناطق، ولذلك فإن التمثيل الحصصي هو أكثر جدةً من حيث التمثيل بالقياس الى الانظمة غير المحاصصية، إنه نتاج عصر الاحزاب في القرن العشرين. إن الفكرة الاساسية لهذا النظام مباشرة ومعقولة: فالمقاعد يتم الحصول عليها في محاصصة مباشرة للاصوات. في نظام محاصصي مكتمل، يحصل كل حزب على نفس السهم من المقاعد تعادل الاصوات، فأربعون بالمئة من الاصوات تعني أربعين بالمئة من المقاعد. بالرغم من أن آليات التمثيل المحاصصي مصممة لتحقيق هذا الغرض، ولكن في الحقيقة فإن معظم أنظمة التمثيل المحاصصي ليست محاصصية بالكامل. إنها عادة ما توفّر ربحاً معتدلاً للحزب الأكبر، رغم أنها أقل من أغلب الطرق غير المحاصصية.

وحيث نادراً ما يفوز حزب واحد بأغلبية المقاعد عن طريق التمثيل المحاصصي، فإن أغلبية الحكومات هي منتقصة وشاذة وأن الحكومات الائتلافية تصبح هي القاعدة (بطريقة غير مألوفة، فقد فاز المجلس الوطني الافريقي أيه إن سي بأغلبية المقاعد في انتخابات جنوب أفريقيا عام 1994، إنها كانت أول مواجهة مع نظام التمثيل المحاصصي في هذا البلد). ولأن التمثيل المحاصصي يؤدي عادة الى مفاوضات ما بعد الانتخابات في البرلمان حول الاحزاب التي ستشكّل الحكومة القادمة، فإن من الممكن تفسيرها على أنها طريقة لتعيين المجالس أكثر من كونها طريقة لتعيين الحكومات).

ولكن كيف تعمل طريقة التمثيل المحاصصي؟ إن الطريقة الأكثر شيوعاً هي نظام القوائم. إن المبدأ هنا هو أن الناخب يصوِّت لقائمة مرشحي الحزب وليس لمرشح واحد فحسب. إن عدد الاصوات التي يفوز بها الحزب تحدد كم عدد المرشحين المنتخبين من قائمة ذلك الحزب. إن النظام الذي يظهر فيه المرشحون على القائمة (حيث يتحدد عدد المرشحين من قبل الحزب نفسه) يقرر من هم الاشخاص الذين يتم إختيارهم لتمثيل ذلك الحزب. على سبيل المثال لنفترض أن حزباً ما فاز بعشرة بالمئة من الاصوات في الانتخابات في مجلس مؤلف من 150 مقعداً، فإن الحزب سيحصل على 15 نائباً، حيث سيكونون على رأس الخمسة عشر مرشحاً في قائمته. ولذلك فإن تصويت القائمة هو تصويت الحزب، مع أن هذه الطريقة تضعف الرابطة بين الممثل والدائرة الانتخابية.

وتتفاوت أنظمة القوائم من حيث درجة التأثير الذي تمنحه للناخبين على المرشحين الذين بإمكانهم التصويت لهم من قائمة الحزب. وفي الحد الاقصى فإن هناك قوائم الحزب المغلق المستعملة في البرتغال وجنوب أفريقيا وأسبانيا، حيث لا خيار للناخبين إزاء المرشحين، فهم ببساطة يصوّتون للحزب المفضّل لديهم. وهذا يمنح مسؤولي الحزب سيطرة إضافية على التجييشات السياسية. وفي الحد الآخر هناك قوائم الحزب الحر المستعمل في سويسرا ولوكسمبورغ، حيث يستطيع الناخبون في هذين البلدين، إذا شاءوا ذلك، التصويت للمرشحين المشتقين من قوائم أحزاب مختلفة.

في معظم البلدان، يتم منح الناخبين بعض الاختيار على الاقل بين المرشحين من قائمة الحزب، وهو إجراء من حيث التطبيق يوفِّر بعض الفائدة للمشاهير. على أية حال، فإن الاجراء الطبيعي هو أن يصوّت الناخبون للقائمة الكاملة لدى الحزب.

وإذا كان النظام التعددي يمنح وزناً قليلاً للغاية للاحزاب الصغيرة بدعم متساوٍ، فإن التمثيل المحاصصي يعطي، جدلاً، الاحزب الصغيرة قوة أكبر للغاية، إذ بموجب هذا النظام، فإن الاحزاب الصغيرة هي في الغالب في موقع محوري في مفاوضات الائتلاف ما بعد الانتخابات، إن قوتهم التفاوضية تتجاوز تمثيلهم في المجلس. فبإمكانهم تشكيل تحالف مستقر مع الحزب الرئيسي بالرغم أنه من الناحية العملية فإن الايديولوجية تقيّد نطاق المشاركين الملائمين. بالاضافة الى ذلك، فإن المناصرين لحكومة حاسمة ومصيرية يجادلون بأن الائتلافات تميل بإتجاه القواسم المشتركة الدنيا، وتعمل كعائق ضد التغيير الراديكالي ولكن الضروري. للأفضل أو الأسوأ، فإن من الصعب رؤية شخصية مثل مارجريت ثاتشر التي برزت كقائدة لتحالف توافقي بعد إنتخابات عصيبة تحت نظام التمثيل المحاصصي.

من الناحية العملية، فإن الانظمة الانتخابية تميل الى الاستمرار والبقاء حالما تجد مكانها في الانتخابات التأسيسية، فالاحزاب المنتخبة تحت نظام واحد ليس لديها الحافز للتغيير لنظام آخر. حين تستبدل الدول نظامها الانتخابي، فإن ذلك راجع في العادة الى فشل سلسلة حكومات سابقة. فإصلاح النظام الانتخابي غير شائع ولكن ليس غير معروف، فقد غيّرت اليابان وايطاليا ونيوزلندا نظامها الانتخابي في التسعينيات. وقد تبنت ثلاث الدول هذه نظام العضو الاضافي المبجّل. في اليابان، كان الغرض تخفيض أهمية المال في الانتخابات عن طريق انهاء النظام الاستثنائي أو الطارىء، والذي يقحم المرشحين من نفس الحزب الى المنافسة مع بعضهم. يبقى أن التحزبية وحتى الفساد يستمر في كبح المناظرة حول السياسة الحقيقية. فقد أراد الاصلاحيون الايطاليون الهروب من الائتلافات غير المستقرة التي أنتجها التمثيل المحاصصي وتشجيع عدد قليل من الاحزاب الكبيرة والتي  ستتناوب على السلطة، على الطريقة البريطانية.