الإعتقالات: إمتحان لمصداقية النخبة الإصلاحية

 

أين الأسماء الكبرى من أزمة الاعتقالات؟ أين تركي الحمد مثلاً وغيره؟؟ هل آن لنا أن نعرف الرجال بالحق؟

هذه أزمة حقيقة.. فأين الأسماء الكبيرة التي يقولون عنها؟ وأين مواقفها الشجاعة؟ أين تضامنهم مع الوطن؟ لماذا السكوت؟

+++

 الحكومة قتلت فينا الرجولة كما قتلها صدام بشعبه.. الكل يخاف على حياته من هؤلاء الطغاة. لكن إذا كانت الرموز أيضاً تفعل مثل عامة الناس، فلماذا يعدّها البعض رموزاً؟ هذا تطبيل لأسماء ليس لها رصيد في وقت المحنة.

يبدو ان ضحايا الإعتقالات كثرة.. ليس الضحية فقط لجنة الحكومة لحقوق الإنسان، وليس فقط الإصلاحيين المعتقلين، وليس فقط النظام نفسه.. الجميع سيكونوا ضحايا (تكتيكياً او استراتيجياً).

اللجنة الحقوقية ماتت.. وأغبياء وزارة الداخلية كان بإمكانهم ضخ الدمّ إليها لو أنهم أعلنوا عن وجودها بعد الإعتقالات، لتقوم بدورها التمثيلي، وتطالب بإطلاق سراح المعتقلين.. إذن لكانت لجنة وطنيّة ملمّعة جيّداً بكلوركس الحكومة.

أغبياء الداخلية قتلوها في المهد استراتيجياً!

الإصلاحيون المعتقلون خسروا تكتيكياً، وحين يخرجون سيكونوا أكثر ترميزاً في المجتمع (ربحوا استراتيجياً).

الأمير نايف وداخليته ربحا تكتيكياً (وسيخسرا استراتيجياً) اذ سيكتشف الأمير ان نهجه كان خطأ وأنه استجلب عداء الجمهور ليس ضده شخصياً فحسب بل ضد العائلة المالكة كلها.

اما الإصلاحيون الرؤيويون ـ موقعي وثيقة الرؤية ـ فبعضهم سيسقط وبعضهم سيصعد. كل دعاة الإصلاح إن لم يثبتوا رجولتهم فسيلفظهم الناس.

 +++

 المسألة ليست شخصية تتعلق بإسم دون غيره. لا شيء شخصي أبداً..

المسألة أن الوطن يسأل عنا وعنهم في هذه اللحظات الحرجة، ويصرخ بأن المطلوب هو موقف تضامن مع هؤلاء النخبة المعتقلة في سجون الداخلية.

إما أن ندفع الوضع الى الأمام الآن أو سنتراجع عشرات السنين للوراء.. يعني هذه فرصة تاريخية لتحقيق بعض الإصلاحات المنشودة.. والتراجع والسكوت والصمت سيكفلنا الشيء الكثير.. لذلك يحق لنا أن نسأل عمن سيقود القافلة: هل هي هذه الأسماء الكبيرة؟ أم سيتخلون عنها في اللحظات الحرجة؟

 +++

 نحن أمام امتحان المصداقية، وسيحدد كل منا موقفه صمتاً ونطقاً وفعلاً، فقد اختار البعض أن يصمت في لحظة الصراخ احتجاجاً، واختار البعض الانطواء في لحظة الظهور السافر اعتراضاً.. فهل نختار الفعل كي نختبر مدعياتنا الاصلاحية.. وهل يكفي صبّ اللعنات في الغرف المغلقة على الحكومة وعلى المتخاذلين والمتسربين من التيار الاصلاحي.. هل نبدأ لحظة فعل تضحوي يذيب الاغلال الموهومة. لحظة نبل وشرف بانتظار الجميع يجب أن تبدأ من الوادي وتخترق الآفاق لتصل الى غرف القصر.. وليسقط الخوف المتراكم منذ سنين، فالوطن مازال ينتظر الولادة، أي ولادة الوعي به في داخل قاطنيه.

 

+++

 

ايها الإصلاحيون، الرؤيويون: هل من كلمة ادانة للإعتقالات؟

يا ايها الموقعون على وثيقة الرؤية، ووثيقة الدستور، ووثيقة شركاء في الوطن، ووثائق الإصلاح الأخرى!

هل انتهى دوركم؟!

يا كتاب الإصلاح في الجرائد.. ويا خطباء القنوات.. ويا أصحاب الديوانيات.. ويا أيها المدافعون عن حقوق الإنسان:

ما بالكم! لقد انطفأت الأصوات! أيكون اللاحم أكثر شجاعة منكم مع نفسه ومع موقفه؟!

أين أنتم؟ وماذا تنتظرون؟ أكثير عليكم أن تدينوا اعتقال زملائكم؟ أصعب عليكم أن تتلفظوا بموقف صدق الى صحيفة او مجلة؟

أليس فيكم من يحمل مبادرة توقيع إدانة؟ هل شلّت الأطراف وظمأت العقول؟

هذا والله ما يريده من قام بالإعتقالات! إنه يتحداكم! لقد حسبها حتى الآن صحيحاً بأنكم ستخرسون!

على الأقل احفظوا ماء وجوهكم!

كم سيعتقلون؟ عشرة عشرين ثلاثين؟ خمسة منكم يتحدثون مثل اللاحم يكفي!

نريد موقفاً منكم يا رجال الإصلاح!

أم حسبتم أن الإصلاح سيقدم لكم على طبق من ذهب؟!

هذا هو الوقت لتثبتوا رجولتكم وأهليتكم لقيادة هذا الوطن باتجاه الإصلاحات؟

هذا هو الوقت الذي تكشفون فيه معدنكم، وتضحياتكم.

هذا هو الوقت الذي تدفعون فيه ثمناً بسيطاً من حرياتكم من أجل كرامة شعبكم.

وهذا هو الوقت الذي تختبرون فيه جماهيرياً.. فإن صمتم لن نصدقكم بعد الآن!

هذا امتحان لكم، فخوضوه بشرف وشجاعة.

مجرد كلمة او تصريح أو بيان فردي او جمعي!

فمن يقول انا لها؟! ويدخل قائمة الشرف والوطنية والتضحية؟

ليس هذا خطاباً حماسياً: فقد انتظرناكم ولا من صوت كأن على رؤوسكم الطير!

لا تجعلونا نصدق بأن نخبنا جبانة الى هذا الحدّ!!

لا نريد ان اصدق!

لا نريد ان تكون نخبنا دون مستوى نظيراتها.

ولا نريد نخباً لا تدافع عن قضاياها وقت الأزمات! هذه ليست نخباً.