من يخرجنا من الجمود؟

 

كيف نواجه (الحرّة)؟

 قينان الغامدي

كيف نواجه قناة (الحرّة) الأمريكية؟ هذا سؤال محوري تتداوله الصحافة العربية وتستضيف خبراء الإعلام والمجتمع والسياسة للإجابة عليه. وهذا يعني أن هذه (القناة) تحمل خطراً داهماً لابد من مواجهته. قناة (الحرّة) قالت: إن هدفها نشر قيم التسامح والعدل والحوار والديمقراطية ونحوها، وهي قيم يجدر بالشعوب العربية والإسلامية أن ترحب بها لا أن تواجهها، فهذه القيم هي من جوهر العقيدة الإسلامية السمحة، وهو جوهر غيبته كثير من الأنظمة السياسية من جهة، وتيارات التطرف وقوى التشدد من جهة أخرى، فأين الخطر إذن؟. الخطر يكمن في الإدراك العميق بأن أمريكا ليست مهمومة بمصالح الشعوب العربية والإسلامية إلا بمقدار ما يحقق مصالحها المتمثلة في هيمنتها الفكرية ونفوذها الاقتصادي والسياسي. العرب والمسلمين يسألون كيف نواجه؟ ثم يجيبون: نحصن أنفسنا وشبابنا كيف نحصن يا سادة يا كرام؟ لا أحد يدري أو لا أحد يريد أن يقول، أو لا أحد يريد أن يفعل شيئاً، فكله على كله يتفرج، مما يجعلنا عرباً ومسلمين ساحة مفتوحة لتلقي أي شيء وتقليد أي شيء، والاقتناع بأي شيء، فإعلامنا كسيح ضار، وسياستنا مرتبكة خائفة، ومجتمعاتنا بلا مؤسسات مدنية فاعلة، وحالتنا لا تسر، ومع هذا نسأل كيف نواجه؟!

الوطن 18/2/2004

***

خارطة التيارات السعودية

 

عبدالعزيز الخضر

 

لا نحتاج لجهد كبير لإبراز حقيقة وجود حركة فكرية ساخنة وصراع ثقافي حاد بين التيارات في الساحة المحلية. لكن الحالة السعودية تعاني من أزمة مسميات ومصطلحات تحدد المكونات الجوهرية لكل تيار وطبيعة أفكاره الشاملة التي يقدمها للمجتمع. إنه صراع فاقد للخارطة التي ترشد المنخرط في أجوائه والمراقب والسياسي لإدراك حقائق الواقع كما هي لا كما يخلقها الحدس والظن. رسم هذا المخطط يواجه بعدة عوائق واقعية وعلمية أدت إلى صعوبة التنبؤ بحقيقة ما يجري. وأصبحت النخب من كل الأطياف بما فيها بعض الجهات الرسمية ليس لديها تصور معقول عن حجم القوى المختلفة مما يزيد من مستوى الحيرة في اتخاذ قرارات تطويرية في المؤسسات التابعة لها يرافق ذلك ضعف مشهود في قياسات الرأي العام في العديد من القضايا مما يتيح للكثيرين التحدث باسم المجتمع وفقا لمزاجه الشخصي والمقربين منه. هذه الصعوبات في التوصيف ناشئة في جانب منها عن طبيعة المجتمع المحافظ الذي ما زالت آلية الضبط الاجتماعي فيه قوية. فهو ما يزال يستخدم السخرية والاستهزاء بالمخالفين ويلجأ تارة أخرى إلى الإشاعة وأحيانا إلى التشهير، مما لا يسمح للتواجد العلني لفكر كثير من التيارات، مع غياب العمل الحزبي. يعتبر موريس ديفرجيه، الباحث الأشهر في الأحزاب السياسية، أن كل نظام بلا أحزاب هو بالضرورة نظام محافظ. ويرى أن طبيعة القوى المحافظة في أي مجتمع ترى الأحزاب تحديا للبناء الاجتماعي القائم. لهذا نجد غموضا شديدا في وصف الحقيقة لمشهد الصراعات المحلية، ونلحظ قدرا كبيرا من الأخطاء تقع فيها بعض الأسماء المحلية نتيجة القفز على أدوات التحليل المنهجي في رؤية واقعنا المحلي.

في حالتنا السعودية هناك صراعات فكرية نتابع تطوراتها منذ زمن بعيد، لكن عدم وضوح خارطة هذا الصراع أسهم في إعاقة الوعي الاجتماعي المنظم لحقيقة الأفكار وقدرته على الفرز الذاتي وفقا لاحتياجاته الحضارية، وكثيرا ما يختطف الرأي العام بنوع من المخادعة تقوم به بعض الاتجاهات بواسطة اللعب بالمشاعر وخلق الأوهام..! كيف يتم وصف الصراع بين التيارات المحلية، وهل يمكن الاعتماد على الرؤية السائدة من التصنيفات المبسطة من خلال كتل فكرية كبيرة، ونتغاضى عن فروقات كبيرة تحفل بها الساحة، فتمارس النخب عملية تحليل مضللة مستغلة غياب المراقبين الجادين لإيقاف عبث يمارسه منخرطون في الصراع من أجل بطولات شخصية وليس أفكار وقيم كبرى يدعون أنهم يناضلون من أجلها ولمصلحة الوطن.

الوطن، 18/2/2004

***

 

تعليمنا.. والمتخندقون

 

عبدالله ثابت

 

الخلل ليس فقط في مضامين المناهج فحسب لتأخذ هي نصيب الأسد من التشريح والاتهام وإنما الخلل الأكبر في البعض من الشخصيات التعليمية الرابضة في مكانين حساسين، الأول المواقع الإدارية سواءٌ في الوزارة أو في الإدارات التعليمية والتي تشرف على سير التعليم في الميدان والتنظير له، والثاني المواقع التنفيذية المتمثلة في أعضاء هيئة التدريس، ومكمن الداء أنهم يؤدلجون مكتنزات التعليم إلى توجهاتهم وأفكارهم كل واحدٍ منهم بحسب موقعه سواءٌ على صعيد التنظير والتوجيه أم على صعيد التنفيذ بالميدان، وبهذا فإنه من الواجب القول إنا لو غيرنا المناهج عن بكرة أبيها دون أن يتغير الذين يلقنونها من خلال أفكارهم ورؤاهم الشخصية فإنه لا جدوى لهذا. إن مشكلة هؤلاء الأشخاص اعتقادهم المبطن أن التعليم نسبةٌ حصريةٌ لهم، وكل هذه التشنجات والتوترات التي يبعثرون ضوضاءها عند كل محاولة للنقد والتطوير فهي ليست أكثر من هلع أي شخص على شيء يشعر أنه له دون الآخرين. بعض المتسنمين المواقع الإدارية أو الميدانية يرون التعليم خصوصيةً لهم لا يمكن أن تكون لغيرهم حتى داخل المجتمع الواحد وأن أية محاولة من خارجهم بشأنه ليست سوى منازعة غير مشروعة يجب أن تهب كل أصواتهم لدفعها وإن يكن الخير كل الخير والعصرانية والحق مع المطروح فإن كونه آتياً من صوتٍ لا يمثل اتجاهاتهم ليبدو كافياً في مقاومته ورفضه. الحل برأيي يبدأ من اعترافنا بأن لدينا خللاً في التربية والتعليم وأن الاستجابة لتغييره إنما هي انصياعٌ للحق وليست انبطاحاً لمؤامرة يديرها الكون كله على ثقافتنا، ثم لنقف وقفة صدق مع الأشخاص المتموقعين على المكاتب وفي الميدان كما نثير كل هذه الأحاديث والحوارات عن المناهج.. ليقف المسؤولون مع هؤلاء إما بالإصلاح والمتابعة والدورات وفسح المجال للفنون وعلوم العقل والتفكير والحريات والتسامح لدينا.. أو بكف اليد عن تشويه البناء الذي لا يتم إن كنت تبنيه وغيرك يهدمُ!

الوطن 17/2/2004

***

ترتيب الأولويات في الإقراض الحكومي؟

 

تركي بن عبدالعزيز الثنيان

 

القروض الخارجية أدت أدوارا سياسية مهمة ومتناسبة مع دور المملكة الريادي في العالم الإسلامي والعربي. ولكن استمرار تلك السياسة على الرغم مما تعانيه المملكة من مصاعب مالية أمر يحتاج إلى إعادة نظر. الإشكال يكمن في استمرار تلك القروض مع ما يعانيه البلد من شح في الموارد المالية التي أثرت على سرعة معالجة مشاكل عالقة تهم شرائح متنوعة من المجتمع. وحجم القروض المقدمة من الصندوق السعودي للتنمية فقط، في الفترة الماضية القريبة يعادل ألف مليون ريال. وليس صحيحا أن مليار ريال غير قادرة على صنع شيء فعال، وإن كانت في ميزانية المملكة تعتبر ضئيلة، فتراكم المليارات يشكل مبلغا مؤثرا في الميزانية، والتساهل في المليار الأول، بداية انفراط العقد. كما أن بعض المشروعات في المملكة المتعطلة تحتاج إلى أقل من المليار، ومع ذلك فهي مازالت معطلة! القضية قضية أولويات. وبما أنه يوجد في البلد قضايا مهمة متوقف علاجها على توفر المادة، فلا مناص، وحتى إشعار آخر، من إيقاف الإقراض الخارجي، وتوجيه مسار الإقراض الداخلي وفق سلم للأولويات ـ وظائف (أو ضمان اجتماعي) وتعليم وصحة.

الوطن 16/2/2004

***

قضيتنا لتطوير الاستثمار: الفكر قبل الأنظمة

 

 

مازن عبد الرزاق بليلة

 

تراجعت نسبة الاستثمارات الخارجية في الخليج، لعام 2003، وفق تقرير الأمم المتحدة، 28% عن العام السابق، ولم تحظ المملكة بأي نسبة تذكر مقارنة بدبي التي حصلت على حصة الأسد، من جملة هذه الاستثمارات المتراجعة أساساً. والسؤال المطروح: كيف تكون المملكة أكبر مصدر للنفط في المنطقة، وفيها سيل من نهر نفطي يتدفق طوال العام، وتنام على رصيد ضخم من الغاز الطبيعي، وتفشل في استقطاب الاستثمارات الخارجية؟ علينا مراجعة السياسات الداخلية، فلو نجحنا مع المستثمر الداخلي، فسوف ننجح بالتأكيد مع المستثمر الخارجي، والامتيازات المعلنة والتسهيلات التي تضعها الدولة تصطدم غالباً بالتعامل البيروقراطي اليومي، وتصطدم بالفكر المتحجر. لا بد أن نسأل عن أسباب هذه البيروقراطية المقيدة التي أصابت كل أجزاء العمل والاستثمار، فعلى سبيل المثال ظل قانون العمل والعمال السعودي في مرحلة التطوير والمناقشات منذ 8 سنوات، وينام اليوم في أروقة مجلس الشورى، ولم تنته المداولات والتعديلات حوله، وصندوق تنمية الموارد البشرية، أصبح اسماً بلا مسمى. أين مجلس الاقتصاد الأعلى، الذي بدأ أعماله منذ عدة سنوات، وكان يستهدف تحسين ودعم القطاع الخاص، وترشيد الإنفاق الحكومي، وزيادة الاستثمارات الخارجية؟

الوطن 14/2/2004

***

 

الجهاد والإرهاب

 

علي الخشيبان

 

الإرهاب الذي نتعامل معه اليوم يدفع بمبرراته التي يسوقها من جعبتنا التاريخية والفكرية بل وكل التراث القائم يخدم معطياته إذا رضينا له بأن يمتطي الجهاد خيلاً تعجز عن إيقافها الحوارات المعتدلة، فالخيط الرفيع الذي يفصلنا عن مس الحقيقة في الإرهاب الجهادي خيط حاد قاطع لن نتمكن من معالجته ما دمنا أسرى لتفسيرات تراثية متشعبة أوصلتنا إلى سؤال صعب: هل الجهاد إرهاب أم الإرهاب جهاد؟ إن الإجابة على تلك الأسئلة لن تكون أمراً ميسراً ما دامت قدراتنا الفكرية تقف بعيداً عن الحقيقة خوفا من مسها. لن يكون الأمر سهلاً ما دامت القضية لم تعالج تاريخيا ولم تأت شواهدها من التاريخ الذي أطلق على التوسع الإسلامي في مراحله الأولى والمتأخرة كلمة فتوحات ولم ترد كلمات الجهاد أو الدعوة إليه إلا وفق مرحلة زمنية ضيقة ولم تُعرّف موقعة حربية على أنها جهاد في المدلول. الحروب التي خاضها المسلمون في أوائل تاريخهم كان يطلق عليها غزوات أو معارك.. إنها عمل آدمي بشري. إن فكرة الجهاد القائم بالمفهوم الإرهابي قضية ترتكز على تصفية وتخلص من الآخرين أو المخالفين حتى وإن كانوا من المسلمين كما يحدث الآن. الإرهاب فكر تكمن خطورة الخوض فيه من مسألة اشتقت مسالكها من أصول في عقيدتنا ألا وهي الجهاد الذي انتفت حاجته التاريخية بالمفهوم الحربي وحل بدلاً منها مفاهيم ساقتها الأحاديث النبوية ومنها جهاد النفس وغيرها من مفاهيم الجهاد الحقيقي لرفع المستوى التطبيقي في المعتقد وليس لمجرد قتال أو تصفية الآخرين.

الوطن 13/2/2004

***

احتجاج لا يستقيم

 

حمزة قبلان المزيني

 

من أهم الحجج التي تساق ضد المطالبة بتطوير المناهج الدينية في التعليم العام أن مناهج الكيمياء والفيزياء والعلوم بعامة أحق بالتغيير. وهذه حجة صحيحة من حيث المبدأ لأن هذا المناهج بوضعها الحالي تعاني من قصور متعدد الأنواع. لكن هذه الاحتجاج نفسَه يَغفل عن حقيقة أخرى أكثر أهمية ووضوحا وهي أن المناهج الدينية بشكلها الحالي تَصدُّ، فعلا، عن العلم الحديث وتشكك في منجزاته، وتشرِّع للعداء له، ويمكن لهذا أن يضع أكبر العوائق في سبيل تطوير المناهج العلمية نفسها. وتكفي إطلالة عابرة على كتاب التوحيد للسنة الأولى الثانوية للتدليل على هذه الحقيقة. ويمكن أن نكتشف بسهولة تلك الكيفيات التي تصد بها شروحُ المؤلف والنقول التي يأتي بها في هذا المقرر عن العلم الحديث، وتشكك فيه، وتعادي المنجزات العلمية الحديثة. ومن الأدلة على ذلك أن المؤلف يرى أن ربط الظواهر الكونية بأسبابها الطبيعية لا يجوز حتى على سبيل المجاز، مثل (نسبة نزول الأمطار إلى المناخات والمنخفضات الجوية). يعني هذا أن على الطالب، لكي يكون موحِّدا حقا، أن يرفض ربط نزول المطر، مثلا، بالقوانين الطبيعية، بل يجب عليه، حتى إن لم ينكر صحتها، أن ينكر اطرادها، ذلك أن ربط هذه الظواهر الكونية بأسباب علمية يمكن معرفتها إنما هو (كفر بالله). هذا مع أنه يمكن للمسلم أن يعتقد بأن هذه القوانين تحكم هذه الظواهر بأمر الله. ولا يجد المؤلف حرجا في الاستشهاد بأقوال ابن القيم على البراهين الدالة على بديع صنع الله؛ مع أن كلام ابن القيم يتضمن أمورا تناقض معرفة الطالب العلمية في هذه السن. ومن ذلك إشارته (ص32) إلى أن الأرض (واقفة ساكنة)، أما الطالب فيعرف أنها ليست كذلك، وأنها تدور حول نفسها وحول الشمس. ويكمن الخطر في إمكان استخلاص الطالب أن كلام ابن القيم في هذه المسألة هو الحق، وأن ما يقوله العلم الحديث باطل.

الوطن 12/2/2004

***

مملكة الفكر ومملكة الواقع

 

عبدالعزيز الخضر

 

في تجربتنا التنموية ومع القدر الكبير الذي تحقق من الإنجازات في (مملكة الواقع) إلا أن (مملكة الفكر) تعاني من أزمة وعي وثغرات لا تنسجم مع المتغيرات التي وجدت. لقد كانت التوفيقية المحلية عملية بحتة تعتمد على مهارات وكاريزما الشخصيات الفاعلة في التنمية.. لم يدعمها تنظير وكلام يؤسس لنظريات تعقلن التحول الحضاري الذي يتجه له المجتمع. هذه الأزمة الفكرية ليست عند العامة فقط بل حتى عند النخب. لقد تجاوز المجتمع الحالة الفطرية منذ ثلث قرن وتعقدت معه فرصة التأثير السهل وقد كان لفعل التيارات المختلفة فكريا في المجتمع أثر سلبي في اهتزاز الرؤية والفشل في صياغة مشروع حضاري محلي يحد من حالات الاحتقان عند كل حركة. فقد أتيحت لتيارات التحديث والمعاصرة فرصة التغيير الثقافي، لكن أغلب الناشطين انشغلوا في قضايا فرعية يصعب إحياؤها من جديد، نظرا لسذاجة موضوعاتها وطرحها السطحي الخالي من أي مضمون فلسفي في رؤية التنمية والحضارة. ثم أتيحت لتيار الصحوة فرصة توجيه وبلورة فكر شريحة واسعة من المجتمع وفرض أفكارها، وكان من المفترض أن يعيد ضخ الأصالة والهوية الإسلامية التي رفع شعارها وفق معاصرة حقيقية تظهر مع المنتج الفقهي والفتاوى المنشورة في المجتمع، لكن الذي حدث أن عملية الإحياء مجرد استحضار دائم للرأي الفقهي الأكثر صرامة والأحوط من أي مذهب، ونفي قوي لأي مشروعية اختلاف فقهي.. فتشكلت عصبية مذهبية جديدة أضيق من رحابة المذاهب المعتبرة.

الوطن 11/2/2004

***

 

جاءكم بوش فأصلحوا انفسكم!

محمد الهرفي

 

إما أن تتحرك بعض الحكومات العربية لتحقيق إصلاح حقيقي وسريع وإما أن يتحرك بوش نحو الإصلاحيين فأيهما الأفضل؟ الإصلاحيون بدورهم قد لا يستطيعون مقاومة هذا الإغراء القادم من بعيد ولا سيما أن كل مقومات التوجه إليه موجودة في عالمنا، قهر وظلم وانتهاك لكل الحقوق فماذا بقي لهم في بلادهم؟ وماذا أعطاهم قادتهم ليحافظوا عليهم؟ هل سيكون الأمريكان أسوأ من هؤلاء؟ بعض العقلاء يراهنون على أن الحريات والديمقراطيات يجب ألا تأتي من الخارج وإنما يجب أن يصنعها أصحابها. ويقول هؤلاء: إن القادم على دبابة أمريكية سيكون أسوأ بكثير من الموجودين الآن.. وهم يأملون أن يتفهم الآخرون هذه النظرية التي يؤمنون بها... بعض الحكام يراهنون كذلك على أن الإصلاحيين ـ أو بعضهم ـ لن يمدوا أيديهم إلى خارج بلادهم وأمامهم نماذج سيئة في العراق وأفغانستان وسواهما، كما أنهم يأملون أن يصدقهم هؤلاء الإصلاحيون وهم يقدمون لهم وعوداً جميلة وأماني رائعة في المستقبل قد يتحقق منها شيء يسكت الألسنة ولو إلى حين... لست أدري كيف ستنتهي هذه المراهنات ومن سيكسب الرهان أخيراً. لكني أكاد أجزم أن السيد بوش لن يسكت طويلاً وسيتحرك حتى ولو لم يطلب منه أحد أن يتحرك، وأجزم كذلك أن بعض دعاة الإصلاح سيقف معه مهما كان الثمن لأن هؤلاء قد طفح بهم الكيل. قناعتي أن يسارع العرب إلى إصلاح أوضاع بلدانهم إصلاحاً حقيقياً وسريعاً ولا يحسب هؤلاء أن مجرد الوعود ستقنع أحداً صحيح أن معظم المتحدثين والمطالبين بالإصلاح في العالم العربي سيسكتون ولكن السكوت شيء والقناعة شيء آخر. دعونا نصلح أنفسنا كعرب بأيدينا قبل فوات الأوان. دعونا نمد أيدينا إلى بعض قبل أن يمدها البعض إلى آخرين.

 

الوطن 10/2/2004

***

الحظر عن الثقافة الممنوعة

 

علي الخشيبان

 

في اعتقادي الخاص أن أسباب ضعف مستوى القراءة لدى أفراد الأمة العربية تعود بشكل مباشر إلى عدم وجود خيارات متنوعة فيما تقرأه فهي لاتجد أمامها إلا ما تُقره أنظمة المطبوعات لديها، فالحظر الفكري يؤثر مباشرة على المنتج العقلي في المجتمع، فالواقع الثقافي للمجتمعات إنما هو مجموعة من الأنشطة المختلفة التي ترسم اتجاهات ذلك البناء ومن هذه المقومات الأساسية لذلك الواقع الفكري والثقافي (الكتاب) بكل مشاربه واتجاهاته والذي بتوفره في أروقة المجتمع تتاح الفرصة لمزيد من تنوع في المسارات الفكرية التي تعلو ذلك المجتمع وتحدد عنوانه، وإذا ما استطاع المجتمع تجاوز عقبات التصنيف وتخفيف الحظر الفكري على أفراده عن طريق إعادة تشكيل سبل الرقابة وتحديد الموضوعات والعناوين الثقافية، فإنه بذلك يسمح بمزيد من فرص الدعوة إلى القراءة والاطلاع فالمجتمع الذي يختار لأفراده ما يقرأون عبر الرقابة المقننة ويمارس ذلك لفترات طويلة سيكتشف في لحظة من اللحظات أنه من الصعب عليه أن يدير دفة ذلك المجتمع يمينا أو يسارا وخاصة إذا ما اقتضت الحاجة السياسية أو الاجتماعية انتقالا إلى مواقع جديدة في المنهج الفكري للمجتمع قد تفرضها الحالة الحضارية أو الثقافية. طول قائمة الممنوعات التي تغطي سماءنا الثقافية تُعد قائمة من الممنوعات يتعلمها الأطفال والشباب والنساء منذ نعومة أظفارهم إلى أن يصلوا إلى مرحلة تتيبس فيها عقولهم عن معرفة اللاممنوع فيعشقون الممنوعات كلها ويبحثون عنها ويصدقونها ويؤمنون بالتبعية المطلقة لكل بائع للممنوعات سواء كانت فكرة في كتاب أو منهجا في شريط أو محاضرة أو أطروحة في كتيب أو موقعا على الإنترنت.

الوطن 6/2/2004

***

الصحوة والرياضة

 

عبدالعزيز الخضر

 

الصحوة والرياضة، والصحوة والإعلام، الصحوة والمرأة، الصحوة والفن، الصحوة والتنمية... وغيرها من الموضوعات وما تتضمنه من تفصيلات متعددة لو أن النخب الإصلاحية في مجتمعنا من مختلف الاتجاهات قامت بتفكيك مثل هذه العلاقات مبكرا ومعالجتها بتوسع وموضوعية في أجواء غير متوترة، لمنعنا التطرف السياسي أو الديني من النشوء والتضخم. إن إهمال الكثير من مكونات ثقافة المجتمع، والهوامش المشكلة للوعي عبر كثير من الممارسات والظواهر والهوايات، أدى إلى حالة من العقم النقدي لتحولات المجتمع. التوعية المفقودة هنا أدت إلى تحويل أغلب قضايانا إلى منطقة توتر. الحديث عن الصحوة الدينية وعلاقتها بمثل هذه الموضوعات ووضع المقدمات العلمية والسياق التاريخي للأفكار سيخلق حالة وعي أكبر عند النخب الإصلاحية والسياسية وأيضا الدينية التي هي الأخرى مطالبة بإدراك موقفها وعلاقتها بالمجتمع من خلال هذه القضايا المكونة للوعي الاجتماعي.

إن استمرار تجاهل مثل هذه الموضوعات يعبر عن أزمة فكرية يعيشها الإسلامي المحلي في كثير من قضايا المجتمع، وما لم يبادر الكبار من الشخصيات الدينية في إظهار مواقف شجاعة توضح الحقيقة فإن هذه العقدة ستستمر وما تؤدي إليه من شعور بالعزلة عند كثير من المناسبات. قد تكون الرياضة ليست مهمة عند الكثيرين وفي الهامش ولا أحد يستطيع لومهم على ذلك، لكن الموقف الفكري منها هو الأهم فهو جزء من معايير قياس روح الانسجام مع المجتمع.

الوطن 4/2/2004

***

 

في الحملة على الإرهاب

 

علي سعد الموسى

 

الحملة على الإرهاب مسألة شائكة بالغة التعقيد لأن الإرهاب يستخدم النص الديني اعتسافاً ويعيد صياغته على آذان منصته في مجتمع مسلم. الإرهاب ـ وكما يبدو ـ بالغ الذكاء في استخدامه اللغة ذاتها والأدوات والأدلة نفسها التي نسمعها في خطابنا الديني الذي ولدنا وعشنا عليه وآمنا به. استمع إلى خطب أبي غيث الحماسية العصماء لتعرف أنها تركب الأسلوب ذاته الذي تسمعه في خطبة أقرب إمام جمعة عاقل معتدل، ولن ترى فيها ما يختلف عن شريط شيخ داعية: الفارق في الأهداف والنوايا وتفسير النصوص. استمع إلى شريط عملية (المحيا) لتدرك كم فيه من اعتساف للأحاديث والآيات ثم اذهب إلى شيخ من الفضلاء الأتقياء الذين تحب لتجد الأدلة ذاتها في سياقها الصحيح الذي أُنزلت به تقديراً لمصالح الأمة، بل الكون بأجمعه. لهذا يصعب التمييز بين المنهج الصحيح والخاطئ ويصعب أيضاً أن تجد خيطاً فاصلاً بين الإرهاب كخطابة وبين الواعظ الرباني كنص ومصطلح.

الوطن 23/2/2004

***

أصلحوا الجامعات أولاً

 

سليمان العقيلي

تم أخيراً إقرار نظام انتخاب روابط طلابية ديمقراطية لخدمة طلاب الكليات التقنية ووضع برامجهم ونشاطاتهم وحل مشكلاتهم. فيما لا تزال الجامعات التي لها تجربة سابقة في الانتخاب تراوح طرائقها الكلاسيكية في التعيين بما في ذلك تعيين اللجان الطلابية. إن الشباب أحق بالعملية الديمقراطية، والمؤسسة التعليمية ـ وعلى الأخص العليا منها ـ هي المنبت الأول للحوار والتسامح والمنافسة الشريفة. ينبغي على الجامعات أن تسبق الجميع لأنها هي المختبر الرئيس لمشروعاتنا السياسية والاجتماعية الجديدة. وعليها أن تدرك أن دورها ليس مثيلاً للمدارس أو المعاهد، بل هي خزانات التفكير لولادة أفكار الأمة. وأي جامعات يمكن أن تقوم بذلك ونظامها الأكاديمي والتربوي يقوم على التعيين والمركزية والإملاء من فوق؟!

الوطن 21/2/2004