السديريون: الحزب الحاكم منذ أربعين عاماً

 محمد الفايز

 يطلق عليهم (السديريون السبعة) وهم الملك فهد، ووزير الدفاع سلطان، والأمير نايف وزير الداخلية، والأمير سلمان أمير الرياض، والأمير أحمد نائب وزير الداخلية، والأمير عبد الرحمن نائب وزير الدفاع، وأخير الأمير تركي بن عبد العزيز نائب وزير الدفاع السابق حتى عام 1978، اي حتى عام خلافه مع اخوته بسبب زواجه من هند الفاسي وخروجه من المملكة ليقيم في هلتون النيل بالقاهرة منذئذ وحتى اليوم. ويضاف الى هذا الجناح، أبناؤهم ممن يسمون بالجيل الثالث: بندر بن سلطان السفير في واشنطن، وخالد بن سلطان الذي اصبح الرجل الثاني في وزارة الدفاع، إضافة الى أبناء سلطان الآخرين الذين يمسكون بإمارات وأجهزة للدولة. ومن أبناء فهد: محمد بن فهد امير الشرقية، وعبد العزيز بن فهد، وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء، وسلطان بن فهد رئيس رعاية الشباب خلفاً لأخيه الراحل فيصل بن فهد، وسعود بن فهد الذي يتولى نيابة جهاز الإستخبارات. ومن ابناء نايف: ابنه سعود بن نايف نائب امير الشرقية الذي عين مؤخراً سفيراً في أسبانيا، ومحمد بن نايف الرجل الثاني في وزارة الداخلية. ومن أبناء سلمان: ثلاثة توفوا تولوا نيابة إمارات مناطق وإمارات مناطق ومؤسسات إعلامية، وبينهم حالياً مسؤول هيئة السياحة سلطان بن سلمان، وآخر مسؤول عن إمبراطورية إعلامية هي الشركة العربية للأبحاث والتسويق.

وللجناح السديري أحلاف من الأخوة داخل العائلة المالكة يسطيرون هم أيضاً على مراكز للدولة مهمة.

إزاء هذه القبضة الحديدية ليس لدى الأمير عبد الله ولي العهد ـ المهمش طيلة العقود الماضية ـ سوى مناصب محدودة، وكلها تحالفات مصالح وليس تحالف مصالح وأشقاء (دم) مثل السديريين. ولذا يعتقد الجناح السديري بأن ليس أمام ولي العهد إلا أن يقبل بالدور الذي يقرره من يمسك بالسلطة فعلاً اليوم، لا أن يكون ملكاً مطلقاً. وكان الأمير عبد الله ومنذ إصابة الملك بالجلطة الدماغية منتصف التسعينيات، قد حاول أن يثبت بأنه الوريث الشرعي للملك المريض. ورغم أن هذه بديهة كما يحددها النظام الأساسي، إلا أن الجناح السديري، حاول تجاوز الأمير عبد الله وإزاحته، وقد بذل الأمير جهداً كبيراً وأقام أحلافاً شتى مع الأمراء المنبوذين او المهمشين داخل العائلة المالكة وأثبت للسديريين بأن اقتلاعه مستحيل بدون الخوض في الدم. وكان الأمير عبد الله مصيباً حينها بأن الولايات المتحدة لم تكن ترغب فيه، وترى استبداله، ولذا قال ذات مرة لمساعد وزير الخارجية الأميركي السابق ريتشارد ميرفي من خلال نقاش مع الأمير والزعم بأن أميركا تؤيده، قال له: نعم تريدونني ملكاً ضعيفاً!

المهم أن الأمير عبد الله حسم موضوع خلافته للملك فهد، ولكنه لم يحسم موضوع صلاحياته كملك قادم. وهذا ما جعل البلاد تتمزق الى عدة دول، وهذا ما أبقى الملك فهد حياً من الناحية السياسية يستند اليه الجناح السديري لموازنة جناح عبد الله. وقد اقترح السديريون السبعة بخبث على الأمير عبد الله بأن يتم إقصاء الملك، بحيث يصبح ولي العهد ملكاً مكانه، وبشرط واحد، هو أن يتخلّى عن الحرس الوطني. وكاد الأمير ان يوافق، لولا أن أحد مستشاريه أقنعه بأن إقالة الملك رغم أهميتها تعني بأن الآخرين يمكنهم إقالته هو إن تخلّى عن الحرس الوطني.

من الناحية الفعلية فإن الجناح السديري هو من يسير شؤون الدولة بشكل عام، وهو القابض على ماليتها وأمنها وعسكرها، وهو المتورط في الفساد، وهو المسؤول عما لحق بالمملكة من تأخر في كل المجالات، وهو المسؤول عن الإنهيارات الإقتصادية التي أثرت على كل مواطن. أيضاً فإن هذا الجناح يمتلك خبرة أكثر من نظيره، والسبب انه يمتلك تجربة حكم طويلة مليئة بالدسائس والتلاعب بالقوى حتى داخل العائلة المالكة نفسها. حتى الملك فيصل الذي كان شخصية قوية، لم يكن ليصل الى الحكم لولا تبلور قوة الجناح السديري بقيادة وزير الداخلية آنئذ الأمير فهد (الملك حالياً) والذي قام بالدور الأكبر في التحريض على الملك سعود، وهو الجناح الذي أدار اللعبة الداخلية وأطاح بالملك سعود قبل ان يصل فيصل الى بوابات الرياض. وقد حصد الجناح السديري أهم الحقائب منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم.

اليوم، يقوم نايف وزير الداخلية بما قام به الملك فهد سابقاً مع الملك سعود، فهو يتولى مواجهة ولي العهد، فيما يستريح سلطان في كرسيه الخلفي منتظراً دوره كملك قادم.

اليوم، يراد تسقيط ولي العهد بكل الوسائل الممكنة، وتعطيل كل قراراته، وإظهاره عاجزاً امام جمهوره الذي رأى فيه ملكا غير ملوث كالسديريين. ولعل السديريين يقومون بالإطاحة به، قبل ان يصبح ملكاً، أو يجبر على أن يكون مثل الملك خالد (ملكاً وليس حاكماً).