الإختطاف السياسي في المملكة

حادث عابر أم نهج يتكرر؟

 ناجي حسن عبد الرزاق

 تداولت وكالات الأنباء وعدد من المحطات الفضائية تفاصيل اختطاف الأمير تركي بن سلطان من جنيف وذلك إثر إعلانه لبيان يتحدث فيه عن أسباب وطريقة ونتائج إختطافه من قِبل عائلته، حيث إتهم الأمير عبد العزيز بن فهد وزير الدولة ورئيس ديوان مجلس الوزراء والشيخ صالح آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية بتدبير خطفه.

إن النظرة الأولية لبيان الأمير، تشير من وجهة نظر قانونية، الى وصم الفعل بالصفة الإرهابية، بصرف النظر عن كون المخطوف من العائلة الحاكمة أو من خارجها. فالإقدام على عملية اختطاف بالطريقة التي وصفها بيان الأمير سلطان بن تركي تعيد للأذهان حوادث اختطاف سابقة قامت بها جهات سياسية عربية بالنيابة عن شخصيات متنفذة في الحكم. ومن بين أهم حالات الخطف التي لاتزال بعض فصولها مجهولة اختطاف المناضل ناصر السعيد من قِبل جهاز مخابرات قيل أنه تابع لمنظمة التحرير الفلسطينية. وقد غاب المناضل الكبير منذ عام 1980، ويعتقد على الأرجح أنه تمت تصفيته في لبنان حيث اختطف.

ولكن ما الذي دفع الأمير عبد العزيز لاختطاف ابن عمه بتلك الطريقة التي لا تخلو من شناعة؟ قيل أن السبب هو خوف بعض رموز العائلة المالكة من ان يقوم سلطان بن تركي بكشف بعض أوراق فسادها، وهو قد فعل ذلك بنحو يسير كتهديد منه، في حين أن العائلة نفسها تعيش منذ اكثر من ثلاثة اعوام وضعاً غير طبيعي وهي بحاجة الى التماسك الداخلي، حتى وإن كان ذلك بشكل ملفق، كما أنها بحاجة الى شيء من الإستقرار والصمت وعدم الكشف عن الملفات التي يبحث عنها كثيرون لنشرها.

يمكن اعتبار حادث اختطاف الأمير سلطان عابراً لو لم تكن هناك سوابق، بعضها ناجح وبعضها فشل. وإن ما زُعم عن محاولة خطف احد المعارضين في لندن قد يتعزز بحادثة الخطف الأخيرة في سويسرا، حيث نُفّذت العملية باستخدام الغطاء الدبلوماسي. وبحسب القانون تبدو عملية الخطف الأخيرة متكاملة الأركان لتسميتها بعملية إرهابية، يمكن في حال افتضاحها او فشلها أن تكلف من قام بها ثمناً باهظاً من الناحيتين السياسية والدبلوماسية.

ما تتلقاه العائلة الحاكمة من ضربات شبه يومية بسبب عجزها عن اتخاذ قرارات إصلاحية استراتيجية، يجعل مطالبات الأمير المخطوف الإصلاحية أشد إيلاماً من أي مطالبات أخرى مماثلة من خارج العائلة الحاكمة. فآل سعود لا يريدون أن تكون مطالب الأمير كالقشّة التي تقصم ظهر البعير. ولكن يبدو أن قرار الخطف، وبصرف النظر عمّن اتخذه، هو قرار يقرّب يضاعف وزن القشّة على ظهر البعير.

وأخيراً قد تعني عملية الخطف بأن هناك تحللا آخذاً بالإتساع بين الأمراء، يضاف الى الصراع المستعر حول تقاسم السلطة بين الجناحين الرئيسيين. ويمكن القول في نهاية المطاف، ان الأمير المختطف، لن يدفع ثمناً باهظاً بعد الآن، فكل ما يمكن ان يفعله المختطفون المنافسون هو حبسه في قصر من القصور، او منع التلفون عنه أو منعه من السفر او التوصل معه الى تسوية من نوع ما (مالية بالدرجة الأولى). والغريب ان أب الأمير هو تركي بن عبد العزيز نائب وزير الدفاع السابق والذي يعيش في المنفى المصري اختياراً منذ أواخر السبعينيات الميلادية.