مملكة توقف قلبها

 

تتوقف الدولة أيام الحج.. وتتوقف أيام العيد وفي رمضان وفي فترة الصيف. لا يداوم المسؤولون خاصة الأمراء في مكاتبهم إلا ما يقارب من ثلاثة أشهر في السنة، من حيث عدد الساعات المقررة يومياً للعمل.

المملكة لا تساير الزمن، وحكامها لا يعيشون واقعهم ذي الإيقاع السريع.

كنا نشكو من بطء الإجراءات.

والآن نشكو من توقف العمل، رغم ما يحيط البلاد من رزايا ومستقبل مجهول.

نريد شيئاً يبعث فينا الأمل بأن هناك ما هو أبعد من النوايا الى الفعل.

نريد شيئاً نبدأ منه لحل مشاكلنا الإقتصادية.

ونريد بصيص ضوء لحل مشكلاتنا السياسية.

بل حتى الأمن الذي كان إحدى المسلمات صار عزيزاً هذه الأيام بسبب تصاعد العنف والتفجيرات والموجهات.

كل شيء متوقف في المملكة عدا الروتين المعروف الذي يفرخ بين يوم وآخر مشاكل تضاف الى مشاكلنا.

وسبب التوقف هو العقول المتوقفة نفسها والتي تدير البلاد وكأن الكون متوقف مثلما هي تلك العقول.

الجميع عليه ان ينتظر..

ينتظر المواطن القاضي، وينتظر الموظف، وينتظر الوزير، وينتظر الأمير.

ينتظر قراراً سياسياً واقتصادياً وأمنياً وفكرياً.

كل شيء يوحي لك بأن لا شيء في المملكة يسير بشكل طبيعي.

كل شيء يوحي لك بالجمود والترهل والتشظّي.

لم تعد المؤسسات والوزارات والقرارات واللجان تعني شيئاً لدى المواطن.

الكلام الكثير عن الإصلاحات لا يعني شيئاً إن لم يرافقه فعل وعمل لم يأت حتى الآن فيما الأمل يخبو في النفوس التي يعتمل فيها الغضب والألم والحدّة.

لا بد من الخروج من هذه الدوامة. دوامة الصمت، ودوامة الروتين، ودوامة التوقف والترهل، ودوامة القرارات المعلبة.

لا بد من نفوس شابة متوثبة تهجم على المشاكل فتصارعها، لا أن تستسلم للفيروسات القاتلة التي تضعف بنية الوطن والدولة يوماً بعد آخر.

لا بد من عقول متحررة تسابق الزمن بأفكارها وعطائها، وإلا فلن نجد شيئاً نبكيه بعد اليوم.

نريد وجوهاً غير كالحة، غير مستهلكة، وضمائر نقية طاهرة بحب الأرض والإنسان.

ونريد من المفسدين من وزراء وأمراء أن يرحلوا فلقد طال بهم الأمد، وطالت بسببهم الأزمة.

نريد مخرجاً من مآسينا.. ثقب ضوء يبعث فينا شيئاً من الأمل بأن هناك من غد أبيض.