الوقت.. سيفٌ على رأس من؟

 الوقت، خدم العائلة المالكة بقدرٍ ما. حين يرتبط الوقت بالإصلاحات فالوقت يمدد الى النهاية من وجهة النظر الرسمية. فلمَ العجلة على الإصلاحات؟ يقول أنصار السلطة: المسألة صعبة؟ ولا نريد مجازفات، ولا حرق مراحل، الى آخر الكلام.

لكن حين تنشأ أزمة أمام السلطة، فإنها تريد أن تختصر الوقت بأسرع من ضعفي الصوت!

في مواجهة العنف مثلاً، يعتقد بعض المسؤولين أنهم قادرون على إنهائه في أسابيع وبالكثير في فترة أشهر معدودة! من قال هذا؟ وكيف؟ عقود من الزمن مضت والدولة تؤسس من حيث لا تعلم جذور العنف، فكيف يمكنها إنهاؤه بين ليلة وضحاها؟ كيف تستطيع أن تغير العقليات والمناهج والإعلام ورجال السلطة المبتلون بأدواء الرأي الواحد والطائفية.

الوقت.. والهوية!

لم تستشعر العائلة المالكة أهمية الهوية الوطنية، المهم هي الهوية (المناطقية والدينية) ضمن حريم السلطة وفضائها الفئوي. وفي أول مواجهة مع الخارج، بدأت أركان السلطة بالتزعزع، وهذا طبيعي. وفي الحال استشعرت ان الجمهور غير عابئ بمشاكلها، ولا يقبل بأعذارها، ولا يتناسى أخطاءها. على طريقة كن فيكون، تريد السلطة (خلق) هوية وطنية! في يوم وليلة! يتصور الأمراء أنهم إذا أكثروا من لفظة: الوحدة الوطنية، والوطن، والمصالح الوطنية وغير ذلك من العبارات، فإن الناتج بعد شهر أو أكثر: وحدة تلحم المواطنين بعضهم بعضاً، بعد أن عملت على تفريقهم دهراً، وتلحم المواطن بحكومته، الى حد تدفعه الى أن يفدي وطنه وحكومته بنفسه!

هذا وهم!

الوقت هنا يقتل الحكومة كما قتلته هي بيدها! هي تحتاج الى زمن طويل وبرنامج مكثف لا تعرف حتى اليوم كيف تبدأ به، ولا تعرف محتواه، ولا تعرف ما يترتب عليه!

مثلاً.. هي تريد هوية وطنية بمعنى الولاء لرجال الحكم الحاليين. وهؤلاء الأخيرون في المقابل يتصورون أن بالإعلام يصنعون هوية، لا بمشروع سياسي. الأمراء لا يريدون أن يعطوا الناس حريّة وإصلاحاً وحقوقاً تنعكس على ولائهم لوطنهم وحكومتهم. هم يريدون كل شيء بالمجان، وبأسرع وقت! وكأن مسألة الهوية أو مكافحة العنف، مجرد مشروع إعلامي جديد سهل المنال!

الشعب غير مهيء ويحتاج الوقت الى التمطيط إن كان الأمر في صالحه، أي إذا طالب بالإصلاحات السياسية، أو بالمشاريع الخدمية.

ولكنه من وجهة نظر العائلة فهو مهيّء جداً لأن يكون مسالماً مكافحاً للعنف موالياً للدولة والنظام مستشعراً واجباته دونما حقوقه.

إنها معادلة مغلوطة، لأنها قسمة ضيزى لا يقبل بها العقل السليم، ولا يحتاج المواطن ليفهم تفاصيلها. فالولاء والإنتماء له ثمنه لا يريد أقطاب النظام أن يدفعوه.

حين يقدمون المجلس البلدي، فإنهم ينالون ولاءً بحجمه!

وحين يقدمون الخدمات، فإنهم لا يحصدون في حال سوئها إلا على الشتائم!

تحب وطنك وتفتديه مسألة ثقافية عميقة، ومسألة متصلة بحياة المواطن اليومية. المواطن غير الحرّ والمحتاج لا يمكن أن يكون (وطنيّاً) بالمعنى الصحيح، بل لا يمكن أن يكون (مواطناً) حسب التعريف العلمي للمواطنة.

من ينسى الوقت في وقت الإستحقاقات، عليه أن يتذكره حين يطلب من المواطنين ولاءً ودفاعاً عن الدولة أو عن النظام نفسه.

هذا هوالدرس الذي يجب أن يعرفه المسؤولون اليوم.