بقايا أمل

 

كل يومٍ يمرّ على المملكة تفقد فيها الحكومة شيئاً غير قليل من رصيدها الشعبي ومن مشروعيتها في الحكم. كل يومٍ يمرّ والمشاكل تتفاقم وتتضخم ويظهر العجز واضحاً في مؤسسات الدولة وفي قدرتها على توفير متطلبات المواطنين الأولية. كل يوم يمرّ والآمال بالإصلاح الشامل تتوارى أكثر فأكثر، فيزداد الإحباط الشعبي، وتتهيّج النفوس الطافحة بالألم والمعاناة.

هل هذه هي المملكة التي نعرفها وعرفها العالم قبل عقد من الزمن؟ هل كانت المملكة جزيرة حالمة نائمة راضية تغطس في النعيم، فاكتشفنا ـ نحن المراقبين، ونحن أبناء الوطن ـ أنها ليست كذلك؟ هل ما نشهده مجرد انفجارات متتالية لأزمات دفينة تمّ تأجيلها، أم هي أزمات لاحقة ولّدتها ظروف السياسة الإقليمية والدولية؟ هل أزمتها نابعة منها (داخلية) أم هي أزمة (مستوردة) لا جذور لها؟!

سنتان مرّت على البلاد تغيّر خلالها وجه الأرض ومن عليها. سنتان ونحن نرى العنف يتفاقم، ونرى الإحباط يتأصل، ونرى الفساد والتخريب والضعف في جهاز الدولة يزداد.. ماذا ننتظر إذن؟

الطوفان!

الإصلاح!

نعيش على أملٍ ذاوٍ.. علّ المسؤولين في الحكم تنبّهوا من غفوتهم. اعتقدنا فيهم حكمة وحصافة لم نرَ حتى الآن أي أثر لها والبلاد تنزلق من مصيبة الى أخرى.

نحن في الحقيقة في سباق مع الزمن.

سباق بين الإصلاحات المتأخرة جداً جداً جداً، وبين انهيار الدولة كمؤسسة، قبل نظام الحكم نفسه.

كلّما تهاوت آمال الإصلاح، زاد الشعور بحجم الخطر الكامن. العنف والتطرّف والتقسيم وكل المشاريع المؤجّلة.

أطلّ رجال الحكم علينا بمشروع قالوا إنه إصلاحي، يبدأ بانتخاب نصف أعضاء المجالس البلدية.

لقد قطعوا بمشروعهم البلدي الشك باليقين!

لن تكون هناك إصلاحات فورية.. لن تكون هناك إصلاحات شاملة.. لن يكون هناك حتى ترقيع وتسكين لمشكلات المجتمع المتكاثرة. وأخيراً اكتشفنا أن ليس هناك نيّة في الإصلاح!

إذن.. ماذا نتوقع.

إنه البركان.

من الآن فصاعداً، سيتغلب السخط والعنف والألم على الأمل والإصلاح!

من الآن فصاعداً، ستدخل الدولة السعودية مرحلة جديدة عاصفة من مخاض مؤلم قد يؤدي الى ولادة جنين مشوّه أو موتها.

من الآن فصاعداً، البلاد ومصيرها مفتوحان على كل الإحتمالات.. كل الإحتمالات السيئة بالطبع.