مركز الحوار الوطني: كيف يكون الحوار وطنياً؟

  

شُغلت الصحافة السعودية في شهر أغسطس الماضي بموضوعين أساسيين، الأول يتعلق بالأزمة السياسية الخارجية السعودية والتي انعكست على علاقات المملكة ببريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، حيث طالب الكثيرون بإعادة النظر بالوضع المحلي والإهتمام به، والبحث عن مصالح البلاد وتقوية ارضيتها الداخلية في مقابل الضغوط الخارجية. اما الموضوع الثاني فكان حول (مركز الحوار الوطني) الذي دعا الى تأسيسه الأمير عبد الله ولي العهد السعودي. هناك الكثير من الكلام والمقالات حول الحوار وأهميته وضرورته وأهدافه، ولكن المدهش ملاحظة أن الحوار لم يبدأ بعد! والمركز المراد تأسيسه مجرد ثقب إبرة، يريد الكثيرون أن يوسعوها لكي يمر منها جمل بأكمله! فلا المسؤولين لديهم النيّة في الإصلاح السياسي حتى الآن، ولا مركز الحوار بقادر عن الخروج عن الإطار الذي وضع فيه، وهو كونه أداة دفاعية لمكافحة التطرف والغلو والعنف ومحاصرة أتباعه، وليس من أولوياته ـ فيما يبدو ـ الإصلاح السياسي او الإقتصادي أو تأسيس علاقة جديدة وعقد اجتماعي جديد بين العائلة المالكة والشعب.

المقتطفات المنشورة في هذا العدد، متنوعة المشارب والتوجهات، فبعضها يرى في المركز أداة أمنيّة، وأخرى ترأه أداة سياسية، وقسم ثالث من المقتطفات يريد حل مشاكل كل المجتمع وفي كل المجالات عبره!، بل حتى أعضاء مجلس الشورى كتبوا عن المركز، وحوّلوا مسؤولياتهم أو أضافوها الى مسؤوليات المركز الوطني للحوار!

عيوب المركز كثيرة، وأهم عيب فيه، أنه قد يصبح وسيلة لتجاوز الإصلاح الوطني الحقيقي، والإنشغال بقضايا المصالحات المذهبية، التي لا تنعكس على القاعدة الإجتماعية. وأنه فوق هذا مركز يشوّه الإصلاحات، ويخمد جذوة التحرّك باتجاهها، أي أنه قد أصبح قبل أن يؤسس الى (ملهاة) أكثر من كونه حافزاً نحو التغيير والإصلاح.

العائلة المالكة لم تبدأ بعد بالإصلاح، وكثير من الكتابات جاءت لتنظر كيف يكون الحوار! وآدابه! وما أشبه من كلام لا فائدة منه، ولا تطبيق له على أرض الواقع. وبدل أن ينشغل المواطنون ـ والإصلاحيون منهم على وجه الخصوص ـ بوسائل الضغط على العائلة المالكة لتبدأ بالإصلاحات السياسية التي هي بوابة الإصلاح الحقيقي لما عداها، انشغلوا بتعليق آمالهم على المركز العتيد، الذي لا يستطيع تحمّل أعباء الطموحات الكبيرة التي يلقيها على كاهله كل كاتب مقالة!

فيما يلي انعكاسات تأسيس مركز الحوار الوطني على الأقلام الصحفية والمفكرة السعودية، وكيف أنها أيّدته في الجملة، وبعضها انتقده بلطف، والآخر أراد تحريف مهامه عن الغرض الحكومي المؤسس من أجله (وهو غرض أمني) كما أن بعضهم قدم تنظيراً لما يجب أن يكون عليه المركز في المستقبل، فيما آخرون رأوا أن المركز لا داع له، بل يجب أن يكون الحوار في الصحافة، بحيث توسع الهوامش ويتحاور المواطنون علناً بدون رقيب أو مسؤول يملي أجندة الحوار ويقرر توصياته التي قد لا ترى النور.

 

***

 

الحوار الوطني بداية الإصلاح 

 

عائض الردادي  

 

قيام مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني إلقاء لمسئولية وطنية على مثقفي البلاد وعلمائها ومفكريها. من وسائل نجاح الحوار أن نداوي المشكلات متئدين لا منفعلين ولا متعجلين ولا ناقلين للحوار من الصالح العام إلى المنافع الذاتية، ولا ناقلين له من حوار عام إلى جوانب شخصية أو قبلية أو إقليمية أو مذهبية. يجب أن نتجاوز الخلافات في الفروع الدينية التي وَسِعَ أهلنا في القرون السابقة التجاوز عنها، وأن نبدأ الحوار حول مهددات وحدتنا الوطنية بادئ ذي بدء، ونواجه بكل حزم ما تقذفه وسائل الإعلام حول بلادنا من تهم يراد منها اجتثاث وحدتنا الوطنية، ومنها ما يثير النعرات الإقليمية أو العرقية أو المذهبية، ولنتحاور حول ما يثار حول مناهجنا الدراسية، ولنتحاور حول مشكلة القبول في الجامعات، ولنتحاور حول البطالة. يجب أن نتحاور بصدق في أن تتساوى التنمية لكل مناطق البلاد، وأن يكون المال العام لكل المشاريع العامة وأن نفسح المجال للمشاركة الشعبية الفاعلة لا المنتفعة وأن تكون هناك رقابة على صرف المال العام في المشروعات العامة.

عكاظ، 12/8/2003

***

الصحافة هي المكان الأمثل للحوار الوطني 

 

عبدالله أبوالسمح

 

الحوار الوطني مطلب لكل مواطن وكنا نسميه حرية الحوار، وهذه الحرية هي من اولى حقوق الانسان. احادية الرأي سبب كل تخلف واعاقة للتقدم، ورأينا آثاره الضارة فيمن حولنا من بلاد. وكلما كان الحوار موجودا انتفى وجود الغلو والتطرف، لأن الحوار المفتوح يخفف من غلواء التطرف بانواعه، اسلامويا او قوميا.. او عشائريا، وهو العلاج الناجع لجميع اشكال الفساد والتسيب والترهل الاداري. الصحافة هي المكان الامثل للحوار الوطني، لانها مكان مفتوح - او هكذا يجب - لكل صاحب رأي، بدون عضوية او تمييز، في جميع بلاد العالم هي كذلك. اذا اردنا حوارا وطنيا وحرية رأي وطريقا لاسلوب جديد متمدن. اما حصر الحوار في مكان واحد او لافراد مخصوصين فذلك تضييق يعيق الفكرة النبيلة ويقضي عليها اختناقا.

عكاظ، 13/8/2003

***

زمن الحوار وإضافة كلمة (إنتخاب) 

د. غازي عبداللطيف جمجوم

 

 

مسيرة الإصلاح تبدأ ولا تنتهي، ولم توجد دولة اكتملت فيها هذه المسيرة. نحتاج الى اضافة كلمة (انتخاب) الى قاموسنا بكل مالها من مزايا وما يكتنفها من صعوبات. ونحتاج إلى وضع خطة لمواجهة مشكلة الدين العام وتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر شبه منفرد للدخل. نحتاج إلى أن نرفع معدل التنمية بحيث يواكب معدل الزيادة السكانية وإلا دخلنا في دائرة مغلقة تتزايد فيها معدلات الفقر والبطالة، ونحتاج إلى توزيع التنمية بطريقة متوازنة لتشمل كل أرجاء الوطن. نحتاج إلى وضع نظام لمنح الأراضي بحيث لا يصبح من العسير على المواطن الحصول على قطعة أرض تصلها الخدمات العامة، ونحتاج إلى وضع خطة تجعل من امتلاك مسكن حلما قابلاً للتحقيق لنسبة متزايدة من المواطنين. نحتاج الى بناء عدد كبير من المدارس لتحل محل المدارس المستأجرة، وإلى إنشاء المزيد من الجامعات والمعاهد، ونحتاج الى تطوير مناهجنا التعليمية لتواكب متطلبات العصر وإلى تطوير البحث العلمي، كما نحتاج إلى تطوير مخرجات التعليم العالي لتواكب متطلبات سوق العمل. ويتوجب علينا أن نواجه بواقعية الاتهامات التي تلقي على مناهجنا مسؤولية إفراز فئات منحرفة من الشباب تنتهج أسلوب الاعتداء والعنف والتفجير.

عكاظ، 10/8/2003

***

الحوار الوطني: الإستيعاب الأمني للأقلية!

حمود البدر  

 

 

عن طريق (مركز الحوار الوطني) من المؤمل ان تستوعب الاكثرية باعتدالها ووسطيتها ما قد يكون لدى الاقلية أو بعض الافراد من آراء تكون أدلتها ضعيفة أو ملفقة. وعن طريق المركز يتم تأليف القلوب بدلا من تنافرها، لان الانغلاق يؤدي الى تفاعل رأي الاقلية في محيط ضيق لايتاح له الانتشار، أو لا يتاح لذلك الرأي الانحسار المنطقي عندما يتبين لمعتنقيه عدم وجاهة ما لديهم. كذلك فان الحوار يقرب الآراء والمشارب، ويقلل من فرص التشتت والسير وراء الشائعات أو الاقوال الضعيفة. وفي ضوء ذلك تستطيع الأكثرية أن تستوعب الأقلية. فمن أراد أن يستقل برأيه وينميه سراً ويحاول فرضه على البسطاء فانه عندئذ يضع نفسه في دائرة الخروج عن وسطية الأمة، وعندئذ يكون تحت طائلة العقاب.

عكاظ، 10/8/2003

***

الحوار وإيقاظ مشاعر المشاركة

عبدالله الحصين

 

الإصلاح يعني إيقاظ مشاعر المشاركة في بناء الوطن لأن الوطن من حق الجميع وهذا يعني دور المشاركة للنخب المثقفة والنظيفة لإرساء قواعد الإصلاح. ومن ثم يأتي دور الحوار الهادئ القائم على الفهم بإرساء ثقافة الثقة والتسامح والحب. والاصلاح تأكيد لحب الوطن واحترام المواطن، والإصلاح الذي يتطلع إلى تحقيقه يبدأ من المنهج الدراسي.. يبدأ بمواجهة الفقر المدقع لشرائح من المجتمع. وهكذا تبدو القدرة على مواجهة الأزمات بالعمل الجاد وتأهيل المجتمع للمشاركة في إرساء مفهوم الشفافية لكل اطياف المجتمع والاعتراف بحق الاختلاف في الرأي. وهكذا فالحوار الوطني هو الطريق لتحقيق الرؤية وتحديد أولويات الاصلاح. الحوار ثم الحوار الطريق الى ارساء ثقافة الفهم وتقريب المسافات وكسر حاجز الخوف والغاء كلمات التسويف.

 

عكاظ، 17/8/2003

***

الانحناء للريح خير من الاجتثاث!

د. حسن بن فهد الهويمل

 

وإذ يكون التغيير حتمياً، فإن على الاطراف المعنية تعميق التفكير ودقة التدبير، ومن الخير أن يكون التغيير بيد صاحب الشأن، لا بيد غيره. وأحسب أن تدخل الأقوياء في الشئون الداخلية وإكراه الشعوب على التخلي عن الثوابت لن يحقق التغيير المطلوب، وإنما يؤدي إلى التدمير.

ومن تصور أنه يملك جبلاً او مغارة تعصمه من طوفان الفتن، فقد وقع فيما وقع فيه «ابن نوح». كل دولة عربية تتصرف وحدها، دونما تنسيق بين وجهات النظر، ودونما عمل رشيد يحدو إلى اتخاذ موقف جماعي، ينقذ ما يمكن إنقاذه، او يسهم في إيقاف التدهور، وكأن الدول العربية في معزل من الماء، والماء ينهمر من فوقها، ويتدفق من تحت ارجلها، مفككاً تماسكها الوطني، ومخلخلاً وحدتها الفكرية، ومحيياً فيها نعرات الإقليمية والعرقية والطائفية. الأحداث الجسام لا يمكن أن تمر بدون ثمن باهظ التكاليف. ومن تصور أنه قادر على معايشتها، عرضته الفتن العمياء لانهيارات اقتصادية، واختلال أمني.. الإبقاء على رسيس الماء الذي يبل الصدى في اللحظات الحرجة يتطلب التحرك قدر الطاقة، والله لا يكلف نفساً الا وسعها، وتفادي الرياح العواصف بالانحناء المؤقت، حتى تهدأ العاصفة.

ولكيلا تزداد الاوضاع ارتكاساً، فإن على اقطارها ان توفر لنفسها اجواء ملائمة لتصحيح الاخطاء، وتدارك بعض ما فات، وأن ترتد الى الداخل لإصلاح ذاتها، مطّرحة الخطابات العاطفية، والدعاوى الكاذبة، والتطبيل الزائف، والتصنيم المقيت، مقلصة القول التحريضي، متوسعة بالفعل التوفيقي. وتخدير الشعوب والضحك على الرأي العام استنفدا كل اقنعتهما، ولم يبق الا تمزيق آخرها، ومواجهة الشعوب بالحقائق المرة، ومناشدتها تقبل قدرها بالصبر والسلوان. الشعوب هي الرهان الوحيد، وبدون الجبهة الداخلية لا يمكن تجاوز المرحلة المعقدة، وما لم ينتزع القادة التأييد والثقة تفلتت الأمور، وانفلت العقد، وانغمست الأمة في حمامات الدم.

الجزيرة، 26/8/2003

***

الحوار وأنياب دراكولا

 

أنور عبدالمجيد الجبرتي

 

المشكلة هي أن الأطياف المختلفة، من اراء واتجاهات، تتحاور مع نفسها، في لقاءات، ومناسبات، وتخلق عن الآخر، شخصياً، وفكرياً، صوراً غير حقيقية، تجترها مراراً، وتكراراً، وتتشبث بها، وتتمترس، وراءها وتشحن، نفسها، عاطفياً، ضدَّها، وتنتج عن ذلك «مدارات» منفصلة، مستقلة، لا تلتقي، ولا تتداخل. نطمح جميعاً في أن يتغلب جوهر الحوار وأخلاقياته على بيروقراطية وتنظيمات الحوار في (المركز الوطني للحوار). بعض أصدقائنا يظنون وهما، ان الآخر الذي لا يعرفونه، ولا يلتقون به، له أنياب دراكولا، وقرون وحيد القرن. وقد حان الأوان لفتح النوافذ، والخروج إلى الشمس، والنظر في عيون الآخرين، وجها لوجه، والتحقق منهم والاستماع إليهم دون وهم، أو وجل، أو احساس بالعِصْمة المطلقة، والظن الحسن بالذات، والتفوق الذاتي والاستعلاء على الآخرين، ثقافة، أو عصرنة، أو تديناً، وتطهراً.

الجزيرة، 26/8/2003

***

الحوار الوطني: هل تستجيب الدولة لنتائجه؟

د. حسن بن فهد الهويمل

 

إذا لم نحسن الحوار فيما بيننا، ولم نتمكن من وضع مفاهيم للقضايا المختلف حولها، فإننا لن نستطيع حوار الآخر في القضايا المشتركة. والحوار الوطني الذي ينشده الناصحون هو الحوار المنضبط بشروطه وآدابه وأهليته، الحوار المسؤول المحترم للثوابت، البعيد عن المصادرة والإلغاء، الحوار الذي ينشد الحق لذاته، الحوار الذي يغلبُ مصلحة الوطن، وما يتطلبه من وحدة ووفاق وتعاذر، والدولة في ظل الظروف العصيبة تريد لهذا الوطن ان ينأى عن الدوامات العاصفة، وينجو من الضر الذي مس القاصي والداني، والفتن العمياء التي أصابت المقيم والظاعن، واقتلعت الشرعية من جذورها، وحولت طوائف الأمم من الاعتصام إلى التفرق، ومن لغة الكلام إلى لغة السلاح، جاعلة مصلحة الوطن دون مصلحة الطائفة أو العرق أو الإقليم. ومن تصور أن المركز حين تلتطم فيه كل الاطياف، وتصطرع فيه كل الآراء والتصورات والثقافات سيسير على مايرام، وان الاختلاف لن يكون، فقد وهم، واضاع الفرص المواتية، وعلينا في ظل كل التوقعات أن نروض أنفسنا لجدل مرتفع النبرة، لا تتطابق معه وجهات النظر، ولكنها تتعايش وتتجانس. إذا احترم الجميع الثوابت الدينية، وآمنوا بأهمية الوحدة الوطنية، فليكن بعد ذلك ما يكون. الإشكالية ليست في إنشاء المركز، فذلك سهل وميسور، وإنما هي في مخاضاته ونتائجه والأطياف التي ستلتقي فيه والقضايا التي ستطرح على موائده، ومدى تمثل المؤتمرين لأدبيات الحوار، واستجابة الدولة لنتائجه.

 

الجزيرة، 12/8/2003

***

ضغوط أميركا والإصلاحات السعودية

د. فوزية عبدالله أبو خالد

 

الشعب السعودي ينشد الاصلاح الداخلي لكثير من جوانب حياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهو يريد علاقة مشاركة في تحمل مسؤولياته كمواطن مع حكومته ويرى بوارق مشجعة في هذا الاتجاه سواء من أصحاب القرار أو من تقدم المواطنين ببعض المقترحات الاصلاحية.. إلا أنه يريد أن يتم ذلك بالطرق السلمية وان تكون الاصلاحات نابعة من قاعدته الشعبية بمختلف قواها الاجتماعية وبقناعة من القيادة ولا تأتي عن طريق الضغوط أو الابتزاز. ان الشعب السعودي يرى ان سياسة الضغط الخارجية لا تخدم ورقة الاصلاح بل قد تعرقله لأنها تؤدي إلى حالة من الارباك الذي قد يؤدي إلى التخبط والتردد بين الاحجام والأقدام، فالأوطان الحرة المستقلة هي التي تستطيع ان تأخذ بزمام الاصلاح والمشاركة الشعبية وليس العكس.

نمر (اليوم) بواحدة من اصعب تحديات تجاربنا السياسية على صعيد العلاقات الدولية فيما يخص السياسة الخارجية للمملكة وما يتهدد الأمن والاستقرار الداخلي الا اني احسد الكتاب بما فيهم نفسي على قدرتنا على الاستمرار في الكتابة بنفس الشروط التي تحتاج صبر ايوب على الرقابة الذاتية التي نمارسها ضد ما نكتب وعلى الرقابة التي يسنها علينا رؤساء التحرير دون ان نسأل عن سقف تلك السنن أو أسانيدها القانونية لو وجدت، هذا في الوقت الذي نحتاج فيه حقاً إلى التفكير بصوت مسموع، مشترك ومتعدد لنرى كيف نواجه هذه الغمة التي لا يبدو انها يمكن ان تكون غيمة صيف وتتبدد فيما لو استمرت التهديدات الأمريكية اذا لم نقل الابتزازات.

الجزيرة، 10/8/2003

***

الإصلاح السياسي، وتوسعة هامش الحريات

علي بن شويل القرني

 

ينبغي ألا يكون هدف الحوار هو التنفيس عن مشاعر الناس وطرح الهموم ليس إلا، فينبغي ان يكون الحوار أداة من اداوات السلطة السياسية لمعرفة الاتجاهات وسبر أغوار المجتمع، وتشخيص مشاكله، وبناء حركة اصلاحية واسعة. ارى ان يتزامن هذا الحوار مع توسيع دائرة حرية الكلمة والاعلام في المؤسسات الاعلامية.. فليس مفيداً ان يكون هناك حوار داخل قاعات الاجتماعات ويحجب الحوار في وسائل الاعلام والأندية الثقافية ومؤسسات التعليم والجامعات. الذي نحتاجه بشكل اساسي في المرحلة القادمة هو تحديد الهدف من الحوار. الهدف هو بناء مؤسسي قادر على احتواء التعدد والأطياف في مجتمعنا، وكذلك تقوية مجتمعنا وتعزيز قدرته على التعامل مع مستجدات الظروف الدولية ومتغيرات التكنولوجيا المتطورة. الحوار أداة لتطوير المؤسسات التنظيمية (التشريعية) حيث يمكن ان يولد الحوار أفكاراً لتطوير العملية السياسية في بلادنا.. فقد يفرز الحوار تأسيس قاعدة عريضة من المشاركة الشعبية في القرار العام. أتمنى ان يتم تحديد إطار زمني لمشروع الحوار الوطني، بحيث يتم تحقيق اهدافه الاستراتيجية خلال أشهر أو عام واحد وبالتالي ينتهي المشروع ويتحول المركز إلى مركز بطبيعة اخرى مختلفة عن الصيغة الحالية له. ليس من مصلحة الوطن أو المواطنين ان يظل الحوار إلى ما لا نهاية.

الجزيرة، 9/8/2003

***

على غرار الرأي الملكي: المواطنون ضد الإصلاح!

 

عبدالعزيز السماري

 

زادت حدة الحوار عن الإصلاح منذ توالي الأحداث في نيويورك وكابل وبغداد، فالكل صار ينتظر صافرة البدء في مشوار الطريق الطويل، ويزيد قضية الإصلاح تعقيداً التردد الواضح في توقيت لحظة انطلاقها. هناك من يطرح إشكالية الوطن والأمة، فالجماهير حسب وجهة نظره لم تحدد موقفها تجاه مفهوم «الوطنية»، فبعد التخلي عن الخطاب السياسي الإسلامي الأممي، وظهور دعوات الوطنية.. عاد مصطلح الوثنية يشهر ضد المحور السياسي الجديد، الذي يتذبذب بين واقع الوطنية وقدسية الأمة، فالاطروحات الدينية التي تصدر ضد مرجعية الوطن، وترجع فكرة «الوطنية» إلى نظرية المؤامرات الغربية ضد الإسلام تجد لها صدى عند بعض الجماهير، وهي ترفض مبدأ التميز على أساس الهوية الوطنية. القرار السياسي ضروري لفك الاشتباك بين الوطنية والأممية، ولن يحدث هذا إلا من خلال صياغة جديدة للخطاب السياسي والديني، وإشعار المواطنين ان عليهم واجبات، وان لهم «حقوقاً مصانة» ومشاركة مشروعة، وذلك من خلال أصول واضحة و«مقننة» في دستور، ولكن يجب ان يأتي الوطن دائماً أولاً.. وإن لم يحدث ذلك، ستظل مرجعية الأمة تشكل ذهنية المواطن، مما قد يخلق لديه أولويات خارج حدود الوطن. والقضية التي ربما تعد الأكثر غموضاً، هي موقف الجماهير من قضية الإصلاح، وهل يوجد بالفعل ممانعة شعبية ضد عمليات الاصلاح بمفاهيمها الإدارية والسياسية؟ هناك من يشير إليها إذا جد الحديث عن مشروع الإصلاح، وهنالك على طرف آخر من يجزم ان هذا غير صحيح، وانه يجب ألا تفسر طبيعة الصمت انها ممانعة، فهي قد تكون إحدى علامات هزيمة الإنسان مع طبائع الاستبداد.

الجزيرة، 9/8/2003

***

كلمة اليوم

 

الحوار الوطني ومكافحة التطرف

 

 سوف يؤدي مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني دوره المأمول في ترسيخ وتعميق الوحدة الوطنية، فالحوار في جوهره مدعاة لتحقيق التلاقح في وجهات النظر والآراء بما يؤدي الى تفعيل الطرائق الحميدة المفضية إلى ابعاد هذا الوطن عن رياح التشدد والتطرف والغلو في زمن بدأ يعج بحركات ارهابية خطيرة يركن بعض أصحابها الى امتطاء الشريعة الاسلامية لتمرير انحرافاتهم. فمشروع المركز يعد خطوة رائدة لابعاد هذا الوطن عن ظلمات وأشباح تلك الرياح العاتية التي أخذت تهب من اتجاهات متعددة، فمصالح هذه البلاد العليا فوق كل اعتبار ولا بد من حماية منجزاتها الحضارية وأمنها واستمرارية تنميتها عن طريق حوار جاد يؤدي الى أفضل النتائج لاحتواء تلك المنغصات وفتح آفاق ممتدة من وسائل دعم الوحدة الوطنية، وليس أخطر على وطن من مهاوي التطرف والغلو والتشدد والتعصب.

اليوم، 5/8/2003

***

اختبار لجديّة الحكومة في الإصلاح

 

د. عبدالله الطويرقي 

 

الدولة يبدو انها اليوم اكثر واقعية في التعاطي مع واقع اجتماعي فرضته ثورة الاتصالات ومتغيرات متسارعة في الانظمة السياسية الاجتماعية في العالم من حولنا تملي اولويات الشفافية والمسئولية المشتركة في القرار الوطني بين نخب صناعة القرار والقاعدة الشعبية العريضة في الوطن. والدولة بهذا التوجه تؤكد على مسألة الحوار بكل ما تتضمنه من مساحات حرية ومنابر رأي ومصالح وطنية لتقطع الطريق على من يشكك في جدية الدولة في برامج الاصلاح الوطني من جانب والتأسيس لمرحلة نظام سياسي اجتماعي منفتح على التيارات السائدة في المجتمع. يبقى رسم استراتيجية واضحة المعالم لاجندة هذا الحوار من حيث القضايا والهموم والاسقف المتاحة والمستويات الاجتماعية لحركته والاقنية المجتمعية والاعلامية كبنية تحتية ضرورية لنموه وفاعليته ولا بد بطبيعة الحال من ان يتحول هذا المركز الوطني الى قوة مؤسسية مسئولة في التوصيل الجيد والفاعل بين نخب صناعة القرار الوطني والشرائح الاجتماعية الاخرى لانجاز عملية التنشئة السياسية المؤسسية الواقعية في العقلية الشعبية.

اليوم، 5/8/2003

***

نداء الإصلاح والقوى المناهضة له

حمد الباهلي 

 

لا بد من الاعتراف بأن جدلا واسعا يدور اليوم بين الناس على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم حول الإمكانيات الواقعية للحوار والإصلاح ضمن منظومة الافكار والعلاقات السائدة في المجتمع والقوى المحركة فيه. لكن الواقع يقتضي الاعتراف بأن عملية الإصلاح قد انتقلت من طور الرغبات الفردية الى طور الحراك المجتمعي الذي يملك قوانينه الداخلية التي تدفع باتجاه تطوره الى الأمام، بالتأكيد ستبرز في مجتمعنا وكأي مجتمع آخر قوى ذات مصالح مختلفة تسهل او تعرقل عمل القوانين الداخلية لظاهرة الإصلاح، لكن الاجماع الرسمي والشعبي على الرغبة في الاصلاح عبر أداته الصحيحة وهي الحوار السلمي تدل على ان ضرورة الخطوات القادمة لم تعد مناطة بالرغبات بقدر ما هي مناطة بوعي الضرورة وتحمل تبعاتها عبر المزيد من الإجراءات الادارية والرسمية والانخراط المسئول من الناس في المساهمة في إثراء العمل الإصلاحي. مثلما يمثل انتظار الناس للمزيد من الاجراءات الرسمية موقفا سلبيا وكابحا لعملية الإصلاح فإن الحذر المبالغ فيه عند اتخاذ الإجراءات الإدارية قد يدفع بالقوانين الداخلية لعملية الإصلاح الى الالتفاف على مساراتها الطبيعية مما قد يوفر مناخا لتراخي بعض القوى الخيرة واعطاء فرصة للمشككين.

اليوم، 7/8/2003

***

الحوار الوطني وآليات التنفيذ

 

فائز الشهري 

 

 

تأسيس مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني سيكون احدى الآليات التي ستساعد على تضييق الفجوة بين ما هو مفترض من سياسات تنموية لنمو وتطور المواطنين وما ينفذ منها حقيقة على ارض الواقع. ان تلك الخطوة سوف تساعد كثيرا على معرفة اوجه القصور ومعالجتها اولا بأول.

اليوم، 13/8/2003

***

مركز الحوار: المكان المناسب لعرض وجهات النظر

 

صالح محمد التركي 

 

قيام هذا المركز سيقفل الطريق امام من يدعي أن بعض الاصوات لا تسمع او لا تتاح لها فرصة التعبير عن آرائها وسيقطع الطريق على المغرضين الذين يتربصون بهذا البلد الدوائر وسيفوت الفرصة على الحاقدين وينبه الجاهلين الذين يركنون الى الغلو والتطرف في الرأي. نعم الآن يوجد المكان المناسب لعرض وجهات النظر لمن يريد ان يعبر عن حبه وحرصه على مصلحة الوطن بدلا من الارتماء في احضان الجماعات المتعصبة او المضللة من قبل جهات تريد زعزعة امن الوطن والمواطنين.

كما ان انشاء هذا المركز سيساعد على زيادة الشفافية بين الطبقات المثقفة وبين قادة هذه البلاد حيث سيكون هذا المركز قناة اتصال مباشر وصريح للتعبير عما يجيش في صدور افراد هذه الطبقة. وسيكون المركز منارا وملاذا للمصارحة والشفافية الوطنية لما يخدم اهداف التنمية والتطور لبلدنا مع المحافظة على خصوصية مجتمعنا وما يتميز به دينيا وتاريخيا واجتماعيا.

اليوم، 13/8/2003

***

حوار المواطنة ومكافحة الإرهاب

عادل بن زيد الطريفي

 

علينا أن ندرك أن الحوار الوطني ليس هو الحوار بين ممثلي مذهبيات دينية بقدر ما هو حوار مواطنة في المقام الأول السيد فيه المواطنة وليست الحدود التي يفرضها الفقيه أياً كان مذهبه على حرية الرأي بدعوى الثوابت. الثوابت الحقيقية هي مبدأ التسامح ونظام الحقوق عبر المحددات الوطنية. إن الجهود الأمنية التي تقام اليوم ضد هذا الخطر الداهم (الإرهاب) هي هامة بالفعل، ولكن من دون إصلاح ديني وثقافي يواكبها فإنها لن تحقق أهدافها المرجوة.

الوطن، 20/8/2003

***

نصلح أنفسنا قبل أن يفرض الإصلاح علينا

محمد بن عبدالله الحميد

لا ينبغي أن تمر الأحداث والمتغيرات على بلادنا دون الاستفادة منها وتوظيفها لمعالجة الأخطاء.. وفي طليعة ذلك التصالح مع بعضنا البعض، والتصارح بالأخطاء والتناصح بالآراء الصائبة، والحوار الهادئ المتجرد عن الأغراض الشخصية والمطامع الآنية. ولعل مركز الملك عبدالعزيز للحوار يكون الانطلاقة لتلاقح الأفكار وتبادل الآراء والوصول إلى مرتكزات تفتح أبواب المستقبل على آفاق واسعة في الإصلاح والتطوير للأفضل. وكذا تفعيل دور مجلس الشورى تشريعياً ورقابياً وتعزيز القضاء الشرعي وتطبيق أحكامه العادلة دون هوادة. والحرص على المال العام، وإعطاء كل مواطن بقدر ما يستحق، والمساواة في ذلك بين الجميع، وضمان الحياة الكريمة لكل مواطن بما يضمن اختفاء شبح الفقر والنهوض بالخدمات والمرافق العامة من صحية وتعليمية واجتماعية وخلافها. وفي إطار الإصلاح المنشود لا بد من إعادة النظر في المناهج الدراسية وبخاصة ما يؤدي إلى تأكيد اللحمة الوطنية. إن المبادرة إلى الإصلاح مطلوبة بكل صدق وإخلاص ويجب أن نأخذ بزمامها حكاماً ومحكومين قبل أن تفرض علينا من غيرنا الذي يتربص بنا الدوائر والسعيد من اتعظ بغيره. وحبذا لو اتسعت مساحة الحوار والرأي عبر الوسائل الإعلامية والأخذ بالصالح من الآراء والمقترحات.

الوطن، 17/8/2003

***

مساهمة المعارضة الخارجية في الحوار الداخلي

عبدالله صادق دحلان

 

يتبنى بعض المنظرين من أصحاب الآراء الإصلاحية لغة استفزازية وإن كانت تحمل أهدافا وطنية، إلا أنها فضلت إطلاق آرائها المعارضة قبل استنفاد وسائلها السلمية في الحوار والنقاش الموضوعي في المرحلة الحالية معتمدين على رؤيتهم وتجربتهم القديمة في الحوار مع المعنيين بالحوار، وهي فترة ماضية مرهونة بظروفها فلها بعض من الإيجابيات وعليها الكثير من السلبيات. (الشعب) يؤمن بأن عليه واجبات يلتزم بأدائها وله حقوق يحرص على المطالبة بها حاليا أو في المرحلة القادمة وذلك من خلال فتح قنوات للحوار الوطني المبني على أسس الحوار الديمقراطي والذي يعتبر خطوة إيجابية نتطلع إلى تطويرها لأن تكون برنامجا وطنيا على أن ينطلق من خلال مؤسسات المجتمع المدني أو من خلال مجلس شورى منتخب يمثل شعب الوطن بمختلف طبقاته وفئاته وأجناسه ومناطقه الجغرافية. لقد كان الحوار ساخنا هذا العام على أطراف بحيرة جنيف حيث يلتقي بعض السعوديين والخليجيين حيث يجذبهم الحوار الديمقراطي الحر الذي يسمح لهم بطرح ما يصعب عليهم طرحه في بلادهم. ويشارك أحيانا في الحوار بعض أصوات المعارضة (غير المنظمة) التي لا تنتمي إلى (تنظيم معارض) وإنما هي أصوات أفراد لها مطالب منطقية لكنها لا تجيد طريقة طرحها.

كنت مثل غيري من الذين يحرصون على قراءة الرأي الآخر تجاه سياسة بلادي من خلال بعض الكتب الممنوعة الدخول رسميا للمملكة ولكنها موجودة في بعض المكتبات الأوروبية أو العربية، ولكنني وجدت نفسي بعد فترة غير مهتم ومتحفز لقراءتها نظرا لعدم قناعتي بأسلوبها وطرحها وأفكارها ووجدت معظمها لجأ إلى الأسلوب التشنجي في الطرح والتجريح الشخصي لرموز الوطن، وهذا يدفعنا إلى مطالبة المسؤولين عن إعلامنا بإعطاء مساحة أكبر من الحرية لكتابنا المؤمنين بالحوار كطريق للإصلاح. نطالب بضرورة وضع خطة وطنية للحوار الوطني تبدأ من القيادات التنفيذية لتصل إلى القيادة السياسية، وأتمنى على أصحاب الرأي الآخر أو ما يسميهم البعض (بالمعارضين) في الخارج بقبول دعوة الحوار على أن يضمن لهم أمان الحوار في الداخل وأدعو (خفافيش المعارضة) في الداخل للمشاركة علنا في الحوار. ولنبدأ صفحة جديدة ولنبدأ بأول مطلب وهو ضمان أمن حرية الرأي الآخر في الداخل ورفع قائمة الممنوع في الحوار لو كان يستهدف المصلحة العامة وبلغة الحوار المثالية.

الوطن، 17/8/2003

***

الأرشيف الصحفي: قاعدة جاهزة لمركز الحوار

قينان الغامدي

 

هذا اقتراح لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الدائم، لعله يكون مفيدا، لا سيما وأن تطبيقه سهل وغير مكلف، لقد شهدت صحافتنا المحلية على مدار أكثر من عام حوارا عميقا ومتشعبا حول الإصلاح، وهو حوار طويل كان من طرف واحد، هذا الطرف هو الكتّاب والكاتبات الذين طرحوا رؤاهم وأفكارهم ومقترحاتهم، ولم يجدوا من يناقشهم فيها، لا سلبا ولا إيجابا، ومقالاتهم لاشك فيها فوائد كثيرة، وهي موجودة ومحفوظة ومتاحة في أرشيف الصحف والمجلات السعودية، وحبذا لو قام المركز بجمعها وتبويبها، ووضعها كأساس لمنطلقات الحوار القادمة في مختلف القضايا الوطنية. إن المركز بهذه الخطوة سيضمن أمرين، أولهما الحصول على أفكار ومقترحات جاهزة صالحة للنقاش وهي لا تحتاج إلا لأن يتبناها المركز ويبلورها ويرفعها إلى صانع القرار، أما الأمر الآخر فهو اختصار الوقت والجهد.

الوطن، 10/8/2003

***

التنظير ضد الإصلاح: السعوديون لا يهتمون بالتغيير السياسي!

غازي المغلوث

 

ان معظم المطالب الإصلاحية تتعلق بالقاموس السياسي، مثل: توسيع رقعة المشاركة الشعبية، الانتخابات، المواطنة، حقوق الإنسان، منظمات المجتمع المدني، حرية الكلمة والتعبير، الفصل بين السلطات، حقوق الإثنيات ...إلخ. ولئن كانت هذه الأطروحات في جملتها ـ مستقاة من الديمقراطية الغربية، إلا أنها تنتهي بالكليشهات السعودية المعروفة وفقا لثوابتنا أو لقيمنا أو نحوها. مع تقديرنا الشديد لنفر من دعاة الإصلاح السياسي، إلا أننا نحسب أن مشروع الإصلاح السياسي مازال بعيدا عن تفكير ووجدان واهتمامات كثير من المواطنين السعوديين. إنه من قبيل اللا مفكر فيه، أو المستحيل التفكير فيه، عند شرائح كثيرة من مجتمعنا. ذلك أن مضمون المشروع الإصلاحي السياسي قائم على ثقافة مغايرة تماما لثقافتنا ومفاهيمنا، وبالذات المتعلقة بالجانب السياسي، ومن ثم يحتاج الإصلاح السياسي إلى بيئة ثقافية جديدة، وأرضية جديدة، ومفاهيم جديدة ، تعيد صياغة العقول وتشكيلها على نحو آخر. فمجتمعنا عاش لفترات طويلة منقطعا عن العالم، منكفئا على ذاته، ومتمسكا بثقافته القبلية العشائرية وقراءاته المذهبية، ومن ثم الحديث عن دولة المؤسسات، والعقد الاجتماعي، والفرد أصل الدولة، والدسترة، وتشكيل الجمعيات والنقابات الأهلية... وما إلى ذلك يعتبر سابقاً لأوانه، وبعيداً كل البعد عن المنظومة الذهنية، والأفكار التي تدور في مخيلته. المطالب التي تشغل بال واهتمامات المواطنين في هذه الفترة مادية صرفة بالدرجة الأولى: المعيشة، التعليم، العمل، العلاج، السكن، وصول جميع الخدمات، مستقبل الأبناء، شح المياه... تساوق التنمية مع التزايد السكاني الكبير. ومن ثم الإصلاح الاقتصادي هو الأساس والمقدّم عند المواطن العادي.

أما النخب المثقفة والمتعلمة، فأحسب أن الإصلاح السياسي في هذه المرحلة ليس هاجسها المبدئي لأنها تدرك أن مجتمعنا غير مؤهل للدخول في مرحلة سياسية جديدة، ومن ثم مطالبها تنحصر في: رفع سقف حرية الكلمة والتعبير، توسيع دائرة النقد بحيث يصل إلى حدوده القصوى، المشاركة في صناعة القرار المحلي، البحبحة في دخول الكتب وتداولها، استبدال مقص الرقيب الكبير بمقص صغير على الأعمال الإبداعية المحلية.

الوطن، 9/8//2003

***

مركز الحوار لن يكون مجدياً.. ولكن..

مازن عبد الرزاق بليلة

 

إنشاء مركز للحوار الوطني المسؤول لن يكون مجدياً حتى تظهر تفاصيل هذا المركز، ولوائحه التنفيذية، التي من المفترض أن تقدم نموذجاً مختلفاً، لتبادل الرأي، والمشورة، وتوسيع المشاركة الوطنية في الشأن العام، وألا تكون نموذجاً مكرراً لمنتديات سابقة، تتسم بحوار الطرشان، أو تكون موجهة من جانب واحد، أو تكون ذات طابع رسمي، يتسم بالمجاملات، وتبادل الإشادة المشتركة. هل يمكن لمركز واحد، أن يكون صمام الأمان لكل مشاكلنا مع العنف والإرهاب، وتعويض نقص قنوات الحوار المفتوح مع الشباب؟ لو كان لدينا تعليم متطور، لكانت كل مدرسة مركزاً للحوار الوطني، ولو كانت لدينا جامعات متطورة لكانت كل كلية جامعية مركزاً للحوار الوطني، ولو كانت لدينا إدارة حكومية متحررة من البيروقراطية، لكانت كل دائرة تمثل مركزاً للحوار الوطني، ولو كانت لدينا صحافة راشدة، لكانت كل صحيفة منبراً للحوار الوطني، ولو كانت لدينا مساجد ذات رسالة دعوية، لكان كل مسجد مركزاً للحوار الحضاري المتقدم. المركز غير واضح المعالم، هل هو منتدى، أم برلمان؟ هل هو شعبي أم رسمي؟ هل أعضاؤه دائمون أم متغيرون، وهل له أعضاء أصلاً؟ وهل هم منتخبون من الشعب أم معينون من الحكومة؟ وماذا سيناقش، ومن سيطرح المواضيع؟ وهل تحتاج مواضيعه للاعتماد من جهة عليا، أم قابلة للنقاش فوراً؟ هل نتائجه مجرد توصيات، أم لها صبغة تنفيذية؟ وهل المركز نفسه سيكون استشاريا، أم تنفيذياً، أم من هذا وذاك؟ وإن كان كذلك فما هي علاقته بالأجهزة الحكومية الأخرى، من مجلس شورى، ومجلس وزراء، ومجالس مناطق، وأين يقع على خارطة نظام الحكم الداخلي للمملكة.

الوطن، 9/8/2003

***

الحوار ليس هدفاً

قينان الغامدي

 

هذا الحوار لا بد أن يمتد ليشمل قضايا وطنية هامة، تهم الناس في حياتهم ومعاشهم وحقوقهم، لا بد أن يتناول شؤون وشجون البطالة، والتعليم، والصحة، والفقر، والدين العام، والقضاء، والإعلام، وأسلوب التنمية، والميزانية، والإصلاح السياسي، والاقتصادي، ومختلف الأنظمة القائمة. لكي يكون هذا الحوار أسلوبا بناء لا بد أن تبادر الدولة إلى تبني نتائجه أولاً بأول، وتحويلها إلى أنظمة يتم تنفيذها، وقوانين يتم الالتزام بها. لا أعتقد أن الحوار في حد ذاته يصلح هدفا، فهو وسيلة إلى هدف، وهدف الحوار بطبيعة الحال ليس الوصول إلى النتائج وكتابة التوصيات فقط، وإنما ترجمة هذه النتائج والتوصيات إلى واقع عملي يحقق تطلعات الناس وآمالهم واحتياجاتهم.

الوطن، 9/8/2003

***

الإصلاح والبطء القاتل

 

يوسف مكي

 

على الرغم من تقديرنا للمواقف الإيجابية التي التزمت بها القيادة السياسية في البلاد خلال الشهور القليلة المنصرمة، فإننا نرى أن الوقت يداهمنا، وأن جدية المخاطر التي تتعرض لها بلادنا تفرض علينا السير بخطوات ثابتة وراسخة، ولكنها في ذات الوقت يجب أن تكون متجانسة مع حجم التحديات التي تواجهنا الآن، ومتماهية مع السرعة التي تتداعى فيها وتيرة الأحداث. وفي هذا الاتجاه، ينبغي التركيز على أهمية احترام الهوية الوطنية وترسيخ مبدأ المواطنة وسيادة مبدأ التسامح والارتفاع فوق الجراح، وأن يجري فتح النوافذ ليدخل منها الهواء الطلق. ولعل هذا الوقت هو الأفضل لتفعيل وثيقة الرؤية، وفتح الأبواب واسعة ومشرعة لانطلاق الحوار الوطني وتشجيع الاجتهاد واحترام التعددية والرأي والرأي الآخر. والتسليم بفكرة التنوع ضمن المجتمع والوطن الواحد. ويجب أن نركز في ثقافتنا وتربية أجيالنا الجديدة على مبدأ حب الوطن والدفاع عنه، وخلق جيل نقي وقوي يسمو فوق عوامل التشظي والتشرذم، ويتجاذب نحو العطاء والبناء والوحدة.

الوطن، 6/8/2003

***

الإصلاح هو الرد على الهجمة الأمريكية

جمال خاشقجي

 

الإدارة الحالية لا تزال تتعامل مع المملكة كصديق ولكن ليس على المدى البعيد، فالمملكة بالفعل ورغم ضربة 11 سبتمبر التي أصابت العلاقات القوية السابقة بين البلدين في مقتل، لا تزال حتى الآن الركن الركين في السياسة العالمية (أي الأمريكية) لضمان استقرار سوق النفط العالمي، ولاتزال البلد العربي الأكثر استقرارا في المنطقة. ولكن لا شيء يبقى على حاله، خاصة العلاقات بين الدول التي تحكمها عادة مصالح متغيرة، والمتغيرات المقبلة ذات العلاقة بالمملكة ستكون إقليمية سياسيا ونفطيا وبعضها عالمي. إننا أمام مشروع إصلاح حقيقي وكبير لا نملك إلا أن نستمر فيه وندعم قيادتنا وهي تلج بابه الواسع، فلا يجوز أن تشغلنا عنه قضايا جانبية وعابرة، فالعلاقات مع أمريكا متحولة والثابت هو الوطن وثبات الأمر فيه بالاستقرار وتعزيز بنيته بتنفيذ الإصلاحات الجذرية الموعودين بها، ليكون قادرا في صلابة على مواجهة المتغيرات فيه ومن حوله، وما أكثرها.

الوطن، 5/8/2003

***

أين يبدأ الحوار وأين يقف؟

عبد الله القفاري

 

الحوار ليس مهمة ثقافية أو أكاديمية بحتة الغرض منها نشر البحوث والدراسات التي تركز على معاني الحوار أو تعزز منطلقاته أو تمزج اتجاهاته بين نخب ضيقة من المثقفين أو الباحثين أو الأكاديميين فقط.. انها أيضاً تعبير مسؤول عن هاجس الوطن، الذي تحيط به اليوم جملة ضغوط خارجية وداخلية.. لن تكون مواجهتها مثمرة دون أن يكون هناك اشراك حقيقي لمختلف القوى الفكرية والثقافية الوطنية التي يجب أن تنزع عنها صفتها الأكاديمية أو المرجعية المعرفية وهي تحاول أن تمس مفاصل مهمة في هياكل المشروع الوطني، الذي يجب أن يلتصق أيضاً بهموم المواطنين.

تبدو الحاجة ماسة لبحث مستقبل وطن والحفاظ على كيانه وتمتين سياجاته وتطوير خياراته أمام أي هجمات تستهدف التقويض أو زعزعة الأركان أو النيل من استقلال القرار. لكن بين أين يبدأ الحوار وأين يقف ثمة مساحة كبيرة، الركض فيها مشروع ما دامت انها ضمن نسق الحوار وتحت مظلة التوافق الوطني. إن مهمة الحوار هي الوصول إلى صيغة تعايش وتوافق وانسجام. وهذه لن تتأتى إلا بتوفر الآليات التي تجعل من نتائج الحوار خطوات قابلة للتحقق. وهذا يعني نشوء علاقة ممكنة وضرورية بين مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني وبين مؤسسات الدولة التنفيذية.. التي عليها أن تكون الأداة التنفيذية لنتائج الحوار وتوصياته.

يعول على مركز الحوار الوطني أن يؤسس لثقافة الحوار في المجتمع السعودي.. فليس هناك معنى كبير للحوار في ظل ثقافة تفتقر لابجديات الحوار.. وطاردة لمفهوم التوافق الوطني على أسس من حوار رشيد.. فليس وظيفة الحوار احتواء الآخر ضمن النسق الثقافي الذي يؤمن به أحد المتحاورين قدر ما هي وسيلة لبحث الاشكال الثقافي والتنموي والاقتصادي أيضاً.. وهذا يتطلب إشاعة ثقافة الحوار بين المواطنين، وإشاعة مفاهيم القبول بالآخر، ونشر أبجديات العمل الوطني. إن ثقافة الحوار هي مضاد طبيعي لثقافة الفرز والاقصاء والشك والريبة. الحوار المطلوب يجب ألا يكون خطاباً موجهاً للخارج كنوع من البراءة الذاتية من عقدة اشكال العلاقة بالآخر الأجنبي واظهار الانسجام الوطني واللحمة الداخلية فقط تجاه القوى الخارجية المتربصة بنا الدوائر.

من الأهمية بمكان أن يتخلص المركز الوليد من عقدة البيروقراطية الحكومية، أو الولاء المحسوم سلفا لفكرة أو توجه. المركز يجب أن يصنف بوصفه أداة تعبير حيوية عن رؤية ومشروع إصلاحي.. ومن هنا هو يتجاوز فكرة دعم الجهد الحكومي التقليدي إلى مستوى صناعة الأفكار وإنتاج الرؤى القادرة على تقديم تصورات ممكنة وضرورية لدعم مسيرة التنمية والوحدة الوطنية ومعالجة كافة الاشكالات الثقافية والتنموية التي تشكل تهديداً لسلامة الوطن أو مكتسباته أو ثوابته. هناك حتما من سيضيق بفكرة الحوار، وقد يعتبرها مدخلاً يساء استخدامه، وقد يرى فيه البعض نوعاً من اذكاء نزعات الاختلاف، وإبراز التناقضات بين مختلف التيارات.. لكن هؤلاء يغيبون الحقيقة الكبرى، وهي أن التناقضات لا تحل بالصمت، والاختلافات لن تضعفها الرغبة في التعمية والسكوت.. وان مثل تلك التناقضات المسكوت عنها تظل أهدافا يمكن التسلل من خلالها إلى نسيج الوحدة الوطنية.

الرياض، 18/8/2003

***

 

الإصلاحات وبطء اتخاذ القرار

هيا المنيع

 

الجميع متفق على أن المرحلة الحالية لنا كسعوديين مهمة وحاسمة وتتطلب سرعة في العمل وقوة في الإنجاز، وعملية مراجعة واقع الحال تتطلب سرعة أكثر لأن الاصلاح وإعادة الأوضاع لنصابها الحقيقي لا تكفيه النوايا الحسنة. مشكلتنا الحقيقية أننا نعاني من بطء اتخاذ القرار وتنفيذه والأمور لدينا تتم دراستها بشكل طويل وتضيع تفاصيل حقائق الأمور بين دهاليز اللجان مما يضعف نتائج تلك الدراسات دون أن يلمس المواطن شيئاً من ذلك.

أتمنى على الأجهزة الحكومية أن تعيد النظر في آلية إجراء اتخاذ القرار وأن تكون العملية أكثر سرعة لأن الوقت الآن لا يسمح لنا بالبطء وتأجيل الحلول يزيد من المشاكل بشكل قد لا تنفع معه الدراسات واللجان وقد نحتاج لمشرط الجراح وحينها تكون التكلفة أكبر والخسائر أيضاً أكبر، والخسائر هنا لن تكون مالية وحسب بل وبشرية.. نحن حالياً في حاجة لسرعة الإنجاز وهذا لن يتحقق عبر اللجان التي اعتادت الاجتماع في الوقت الضائع والخروج بنتائج لا يقبلها واقع متجدد.

الرياض، 25/8/2003

***

الرشد يكون بالحوار

فايز الشهري

 

ولكي تكتمل عناصر الحوار ربما يحسن بنا أن نبدأ أولا في تَعلّم، وتعليم، وتعميم ثقافة الحوار، والتسامح فيما بيننا، وأن نتفق على منطق الحوار الرئيس الذي يقتضي الإيمان بوجود (رحمة) الاختلاف، وإلا لما قام حوار، ولما أنشئ له مركز. وفي ظل حرصنا جميعنا على صيانة الثوابت المتفق عليها، حري بنا أن لا ننزعج من درجة حرارة الحوار، أو شخصيّة المحاورين حتى وان علت الأصوات، وكثر اللغط.. ان أي قرار وطني يُتَّخذ في بيئة تسمح بالنقاش، والمحاورة سيخرج رشيدا متوازنا وقليل التكلفة.

الرياض، 10/8/2003

***

الوحدة الوطنية: تسالم الإرادات وتشابك المصالح

 

محمد محفوظ

 

وقائع الاحتقان والتعبئة النفسية والثقافية بين القوى المتنافسة أو المتصارعة تساهم في توتير الأوضاع وتنذر باحتمالات كارثية. ولا شك أن المطلوب هو امتصاص أسباب الاحتقان والصراع وتفريغ ضغط الاحتقان في إطار مشروع السلم المجتمعي الذي يتضمن بدائل سياسية واجتماعية وثقافية تعمق من خيار المصلحة المدنية، وتوفر الظروف الذاتية والموضوعية لميلاد واقع جديد قوامه التسامح ونبذ العنف والاقتتال، وثقافة سياسية جديدة تدافع عن السلم المجتمعي. ومن القيم والقضايا الأساسية التي تؤكد على مفهوم السلم الأهلي، وتكرس خيار التعايش الاجتماعي في المجتمع الإنساني مساواة الآخر بالذات. إن البداية الفعلية للتغلب على الكثير من النوازع والغرائز، التي تزرع الشقاق، وتؤكد الخصام، هو طغيان حب الذات وتضخيمها، بحيث لا يرى الإنسان إلا ذاته ومصالحها. إن مساواة الآخر مع الذات، هي التي تخلق النسيج الاجتماعي المتداخل، والمتواصل، والمنسجم في حركته وعلاقاته المتعددة. ولا شك أن مساواة الآخر مع الذات، ستعلي من شأن القيم المشتركة، وستجعلها حاضرة باستمرار في الوسط الاجتماعي. كما أنها تزيد من حالة الإحساس بالمسؤولية المشتركة تجاه بعضنا البعض. السلم الأهلي قوامه، تسالم الإرادات الوطنية، وانصهار مصالحها في الكيان الاجتماعي الوطني. ان حماية الاجتماع الوطني من المخاطر والتحديات، وتحصين الأوضاع الداخلية بالمزيد من التسامح والعدالة وبناء المجال السياسي والوطني على قاعدة من التراضي والتسالم والفعل المؤسسي.

الرياض، 12/8/2003

***

 

الحوار ونزعة التنميط للآخر

عالي القرشي

 

حين نعي اليوم فتح قنوات الحوار، تنقشع عنا مرارة اغلاقه، وأخذ الآخرين بمجرد ما ينقل وما يحكى عنهم.. ذلك لان الحوار يقرن النظرات إلى منطلقاتها وأهدافها، فلا يؤخذ أحد بجريرة نقل خاطىء، أو صوت مرتفع يعلو على صوت الآخرين باستخدام التأويل الخاطىء، وإظهار التدين والالتزام. ومن شأن هذا الحوار ان يستثمر طاقات الأمة، وإشاعة الحب، ورعاية المصالح ما بين الشعوب، وما بين القيادة والشعوب، وما بين الإسلام والديانات الاخرى.. وكل الذي نأمله ان لا يتحمل احدهم نيابة عن الدين، أو السلطة أو المجتمع (المسؤولية) منطلقاً من تأويل ضيق، وخوف لا مبرر له، واتهامات لا وجود لحقائقها.

الرياض، 14/8/2003

***